لحقت «بي بي سي» العربية بركب التزوير في الحقائق، والتعدي على التاريخ، مثلها مثل القناة القطرية المسماة بالجزيرة.
هناك أخطاء يقع فيها الإعلامي، سواء كان مذيعاً أم معداً أم مصوراً أم كان صحفياً وكاتباً، فهؤلاء جميعاً بشر، والبشر يصيبون ويخطئون، ويعذرون، في أغلب الأحيان تمر الأخطاء ولا يحاسبون عليها، فهم يمارسون مهنة من أكثر المهن إرهاقاً للجسد والعقل، وهفوة هنا، وسقطة هناك لا يتوقف الناس عندها كثيراً، يعتبرونها «غير مقصودة»، والقضاء يضعها ضمن خانة «حسن النية»، فاللسان قد ينحرف بكلمة، والقلم قد ينجرف خلف معلومة، ولكن عندما يكون الفعل مكشوفاً، والخطأ مقصوداً، والنية السيئة مبيتة، هنا لابد أن يقف الجميع، المخطئ ومن يتولون مسؤولية المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها.
مذيعة «بي بي سي» التي زوّرت تاريخ الكويت والعراق لتمرير غرض في نفسها، ليست بريئة، فهي قد أعدت ذلك الكلام الذي قالته، ولم يكن كلاماً مرتجلاً، فأرادت أن تقدم معلومة تعرف جيداً أنها تخدم توجهها وتوجه البرنامج الذي تقدمه، حيث لم تترك مجالاً لضيفتها حتى ترد على سؤالها، فقدمت إجابة رغم أن دورها وعملها يفرضان عليها الاستماع وتلقي الإجابة من الطرف الآخر، وجعلت الكويت التي استقرت تحت حكم «آل الصباح» منذ بدايات القرن السابع عشر تابعة للعراق الذي تشكل كما نعرفه بعد عام 1921، أي في بدايات القرن العشرين، وأقصد العراق بوصفها دولة، وليس بوصفها أرضاً وتاريخاً وحضارة ومكانة، حتى لا يفهم كلامي خطأ، وحديثي حول الكويت وتلاعب تلك المذيعة الجاهلة أو المتجاهلة للأسس التي تقوم عليها مهنتها، وهي الدقة والمصداقية، وعدم تأثير القناعات الشخصية على ما يقدم للجمهور، فالذي حدث ليس خطأ، وليس هفوة، وليس زلة لسان، ولا يحل باعتذار باهت من «بي بي سي»، فهذه القناة التي تحكمها مواثيق شرف تتضمن معايير أخلاقية ملزمة باتخاذ إجراء مهني حازم، وأن تصحح الخطأ حتى لا تكون شريكة في الفعل، ومثل هذا الكلام نقوله لمن لا يقبلون بتجاوز قواعد المهنة، ولا نقوله لتلك القناة القطرية التي لم تخجل من «تزييف» تصريح رئيس وزراء إثيوبيا للجالية في إحدى المدن الأميركية، فارفقوا كلاماً بالعربية يتماشى مع أغراض النظام الكاذب في الدوحة، فهؤلاء قد سقطوا منذ سنوات في مستنقع الإخوان الذين لا يعيشون دون تزوير وتزييف وكذب.