مع انتهاء المهلة الممنوحة له من قبل التحالف العربي لإنجاز الانسحاب الحوثي من الحديدة، يسعى المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى الانتقال بالأزمة اليمنية إلى مسارات ومتاهات تبتعد كثيراً عن الإطار المكلف به.
غريفيث لا يريد أن يعلن الحقيقة، وهي أن الحوثيين رفضوا كل مقترحاته حول تسليم ميناء الحديدة والانسحاب من المدينة باتجاه صنعاء وصعدة، وهو الشرط الذي توقف من أجله الهجوم الحاسم من قبل القوات اليمنية الشرعية وقوات التحالف بعد تحرير المطار والمناطق المحيطة، وعاد المبعوث إلى أسلوبه في تسريب مقترحات جديدة، منها إعادة الوضع إلى المربع الأول، وهي المفاوضات غير المشروطة، فذهب إلى الكويت لاستضافتها، رغم تجربة الفشل السابقة في مفاوضات استمرت عدة أشهر، واتسمت بالمماطلة والتشعيب، ثم العناد ورفض تقديم أي تنازلات من قبل الحوثيين، وفي الوقت نفسه يضع غريفيث السويد مكاناً بديلاً، ويتحدث عن مشاركة أطراف دولية وإقليمية، ويسرب أيضاً دعوة لاجتماع أو مؤتمر سياسي تشارك فيه كافة الأطراف اليمنية بالعاصمة البريطانية لندن، وبرعاية وزارة خارجيتها.
كل تلك التسريبات لن تؤدي إلى نتيجة، ولكنها ستمنح مزيداً من الوقت للحوثيين حتى يلتقطوا أنفاسهم، وللإيرانيين حتى يهربوا أسلحة جديدة لأعوانهم، وستزيد من خطورة الوضع في باب المندب والبحر الأحمر، وقد يطرح شيء منها في إحاطة غريفيث يوم غدٍ بمجلس الأمن الدولي، وأعتقد بأن موقف الشرعية اليمنية واضح، وغير قابل للنقاش في هذا الشأن، وهو موقف التحالف العربي، فذلك المبعوث تحرك طوال يوليو الماضي لتحقيق هدف واحد، وهو تجنيب الحديدة معركة الحسم الأخيرة، وكان يفترض أن يضع خطة انسحاب شاملة، وبعدها خطة أخرى لإنهاء الأزمة اليمنية، فالحديدة هي الورقة التي كان يجب أن يحملها المبعوث معه، ومن بعدها تتم المفاوضات.
يريد المبعوث الدولي أن يطيل أمد مهمته، ولا يريد أن يعترف بفشله، ولأسباب غير معلومة لا يريد أن يحمل الانقلابيين مسؤولية ذلك الفشل، وقد قالها كثيرون من الشرعية والتحالف، لا عودة إلى المفاوضات قبل الخروج الحوثي من الحديدة، وسأكرر ما قلته قبل أيام «الحديدة لن تنتظر طويلاً».