نون والقلم

السيد زهره يكتب: هذا هو «الناتو العربي» الذي نريد

التقارير تتحدث عن «ناتو عربي» جديد، أي تحالف عربي جديد تسعى أمريكا إلى تشكيله في قمة قادمة تستضيفها، وتضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، وان الهدف الأساسي لهذا التحالف سيكون مواجهة المشروع التوسعي الإرهابي الإيراني في المنطقة.

بطبيعة الحال، نحن مع أي جهد عربي أو دولي لمواجهة الخطر الذي يمثله النظام الإيراني لدولنا العربية ولوضع حد له، كما أننا مع أي تعاون مع أمريكا من اجل تحقيق هذا الهدف.

وكما تعلم عزيزي القارئ، لطالما طالبنا في هذا المكان، وفي تحليلات مطولة أخرى، بتشكيل تحالف عربي جديد تتوافر له مقومات القوة لإنقاذ الأمة وحماية أمن دولنا، وتحدثنا بشيء من التفصيل عن طبيعة هذا التحالف المنشود وأي دول عربية مؤهلة لتشكيله وعلى أي أسس.

ومع هذا، نقول بلا أي تردد إن هذا التحالف الذي تسعى أمريكا إلى تشكيله، ليس هو التحالف العربي الذي نريد، ولا يمكن أن يحقق ما ننشد من ورائه. هذا هو تقديري ولدي أسباب كثيرة.

التحالف العربي الذي نريد تحالف نحن الذين نشكله بإرادتنا وبمبادرة منا، ونحن الذين نحدد الدول العربية المنضمة إليه، وطبيعته، وأهدافه، وأجندته، وأولوياته، وبرامجه.. وهكذا.

لا يمكن أبدا أن يكون مقبولا ان يتشكل تحالف عربي بطلب أو بأمر مباشر من أمريكا، وهي التي تحدد من ينضم إليه، وما هي مهمته وأجندته وماذا عليه أن يفعل.

والتحالف العربي الذي نريد يجب أن يكون بالضرورة تحالفا استراتيجيا دائما في إطار استراتيجية عربية لحماية الأمن القومي العربي ومواجهة أي تهديدات تواجهها الدول العربية من أي مصدر أيا كان، لا تحالفا وقتيا لمواجهة خطر أو تهديد واحد، كالتهديد الإيراني أو غيره.

لا بأس من الاتفاق مع أمريكا أو غيرها على خطوات أو إجراءات محددة لمواجهة الخطر الإيراني، لكن الحديث عن «ناتو عربي» أي تحالف عربي دائم تحت مظلة أمريكا تحت هذه الذريعة، هذا أمر آخر.

والتحالف العربي الذي نريد، ولأنه بالضرورة يجب أن يكون تحالفا استراتيجيا دائما، يجب أن تتوافر له كل مقومات وأسباب النجاح والفعالية والقدرة، ويجب أن ينبني على أسس تضمن له الاستمرار والمقدرة.

ولا يتوافر أي من هذا في «الناتو العربي» الذي تريد إدارة ترامب تشكيله الآن حتى فيما يتعلق بالمهمة المحددة المفترضة لهذا التحالف، أي التصدي للخطر الإيراني والقضاء عليه.

هل من المعقول أن يتصور أحد تشكيل، ناهيك عن نجاح، تحالف عربي في مواجهة إيران تكون قطر عضوا فيه؟.. كيف يمكن أن يحدث هذا إذا كانت قطر تتحالف عمليا مع إيران ضد المصلحة العربية؟

من المفهوم أن أمريكا تريد هذا لأنها، ولأسباب مصلحية وانتهازية لا تريد أن تخسر قطر، ولكن لماذا نقبل نحن هذا؟

وهل من المعقول أن يتشكل تحالف تشارك فيه قطر في حين أن الأزمة معها في أوجها ولم تحسم بعد؟

أمريكا لا تجد بأسا في هذا، لكن بالنسبة إلينا هذا أمر بلا معنى.

الذي نريد أن نذهب إليه من كل هذا هو أمر محدد.. هو بالأحرى رسالة نوجهها إلى الدول العربية المدعوة إلى المشاركة في القمة التي تدعو إليها أمريكا.

نقول لهذه الدول العربية.. اذهبوا وشاركوا في القمة لو شئتم.. اذهبوا واتفقوا مع أمريكا على أي سياسات أو إجراءات ترونها ضرورية لمواجهة الخطر الإيراني، ولكن ليس بهدف تشكيل «ناتو» عربي تراه أمريكا هو في الحقيقة بلا أي معنى أو قيمة أو جدوى.

في الحقيقة، وإن أردنا قدرا أكبر من الصراحة، فإن تشكيل تحالف عربي بأمر من أمريكا وفي أحضانها وتحت قيادتها هي إهانة لنا كدول وشعوب عربية.

نقلا عن صحيفة أخبار الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى