أصبح واضحاً أن المبعوث الدولي لم يخرج بأي نتيجة من المهلة الأخيرة التي طلبها قبل بدء معركة تحرير الحديدة، وأن إيران والحوثيين كانوا يماطلون ليكسبوا الوقت بعد الهزائم التي منوا بها.
مشكلة المبعوث الدولي أنه لا يستند في تحركاته إلى قاعدة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وهذه كانت قبل غريفيث مشكلة ولد الشيخ وبن عمر، وهما المبعوثان اللذان سبقاه، كل واحد منهما يريد أن يبدأ من الصفر، ربما ليسجل لنفسه نصراً معنوياً، لكنه يتسبب في إطالة الأزمة ومآسي اليمنيين الواقعين تحت الاضطهاد الحوثي العنصري، وهذا المبعوث الأخير تحرك في الشهر الفائت وكأنه أراد أن ينقذ بقايا الانقلابيين في الحديدة، وأحدث ضجة حول المدنيين في المدينة، وصرح أكثر من مرة بأن هناك موافقة على شروط الانسحاب وتسليم الحديدة، وبعد عدة زيارات ومفاوضات نقل إلى الشرعية مقترحات قديمة تجاوزتها الأحداث، وسمح لنفسه بأن يجعل من الأمم المتحدة مجرد مراقب على الميناء لمنع تهريب الأسلحة ومصادرة المساعدات الإنسانية من قبل الميليشيا الحوثية، وتناسى خروجهم من المدينة وتسليمها للشرعية، وهذا ما شجّع الحوثي مع إيران على القيام بعمل استعراضي لإثبات القوة والوجود، ولإرهاب العالم، من خلال الهجوم على ناقلتي نفط سعوديتين عند مدخل باب المندب.
كان يفترض في المبعوث الدولي أن يصدر إدانة لذلك الهجوم، ولكنه لم يفعل، ومجلس الأمن لم يتحرك، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، لم نسمع منه شيئاً، ولكننا سمعنا الإرهابي قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري، يقول «إن البحر الأحمر لم يعد آمناً»، ويهدد بمزيد من الحروب بالوكالة تخوضها قوات الفيلق دون تدخل من القوات المسلحة الإيرانية، وهذا اعتراف صريح بوقوف إيران خلف الهجوم الذي وقع على الناقلتين في البحر الأحمر، وبعد هذا كله يسرب غريفيث بأنه سيعلن الخميس المقبل موعد انطلاق مشاورات تسوية يمنية خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي، ولم يذكر شيئاً عن خطط تسليم الحديدة التي ذهب بها إلى قادة الحوثيين في صنعاء قبل يومين.
إيران ليست دولة مفاوضات، وأتباعها مثلها، كلهم يعملون بأسلوب العصابات، والأمم المتحدة لم تحترم يوماً قراراتها وأهدافها، وأمن واستقرار المنطقة، وسلامة الممرات المائية مسؤولية دول المنطقة، ولن تنتظر «الحديدة» مماطلة جديدة.