نشرت وزارة الدفاع الروسية خلاصة فحواها أن مليوناً و700 ألف لاجئ سوري بإمكانهم العودة إلى بلادهم في وقت قريب. وبحسب معطيات الوزارة فإن المدعوين للعودة يتوزعون على النحو التالي: 890 ألف لاجئ من لبنان. 300 ألف لاجئ من تركيا. 200 ألف لاجئ من أوروبا. 150 ألف لاجئ من الأردن 100 ألف لاجئ من العراق. و100 ألف لاجئ من مصر. وقالت وزارة الدفاع الروسية أنه يمكن استقبال حوالى 336 ألف لاجئ في مراكز لجوء داخل سورية، 134.500 منهم في حلب و73.600 في ريف دمشق، و64 ألفاً في حمص، و45 ألفاً في دير الزور.
الخلاصة المذكورة عممت بعد قمة هلسنكي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وسبقتها في الثالث من تموز (يوليو) دعوة خجولة منسوبة إلى مصدر في وزارة الخارجية السورية إلى اللاجئين السوريين للعودة، بينما لم يتحدث عن العودة أي مسؤول كبير في النظام، بدءاً من الرئيس بشار الأسد. ولم يظهر أي استعجال في دمشق في استرجاع ملايين المشردين إلى «حضن الوطن».
وعلى العكس من ذلك تحول القانون رقم 10 إلى سيف مسلط على رقاب الراغبين في الرجوع إلى مساكنهم وأراضيهم. ليس أركان النظام وحدهم من لم يبد حماسة لعودة ملايين السوريين، فالإيرانيون المنشغلون بمحاربة «الإرهاب» وحماية المراقد، يتهمهم كثيرون بممارسة فرز ديموغرافي لا يبدو النظام بعيداً منه. لذلك بدت روسيا، وحدها من بين المدافعين عن النظام، المهتمة بالعودة، في سياق متكامل قوامه السيطرة تحت راية النظام على مختلف المناطق السورية، بدءاً من الجنوب وصولاً إلى إدلب (في أيلول كما أشاع مسؤولون روس)، وضمان الهدوء في الجولان عبر الالتزام بترتيبات 1974 وإبعاد الإيرانيين وميليشياتهم إلى مسافة 100 كلم من إسرائيل أي إلى الشمال من دمشق في مرحلة أولى، ومنع هؤلاء من استعمال القواعد الجوية السورية (وهو ما أشارت إليه صحف روسية) وإطلاق يد إسرائيل في ملاحقتهم حتى خروجهم النهائي من سورية بحسب ما ترغب وتشترط الدولة العبرية التي تلقى دعماً أميركياً وتفهماً روسياً.
هذه التفاصيل عرضت في قمة هلسنكي. طرح بوتين عودة اللاجئين وربطها من دون شروط بإعادة الإعمار، وأبلغ ترامب أنه متفق مع الإيرانيين على ابتعادهم عن إسرائيل مسافة مئة كلم. واستفاض في حديث طيب عن إسرائيل التي يتحدث نصف سكانها اللغة الروسية، الأمر الذي أثار تعاطف وإعجاب ترامب، ما جعل عجلة الأوضاع السورية تتحرك بقيادة الربان الروسي المعترف به.
بديهي أن يريح المسعى الروسي لإعادة السوريين وإبعاد الإيرانيين ارتياح الكثيرين في المنطقة والعالم، وفي لبنان الذي تعالج الخطة الروسية أوضاع ضيوفه في شكل خاص، يفترض ملاقاة موسكو بجدية كاملة في مسعاها، فالقرار في يدها كما هو واضح والنظام لا يملك غير متعة التدقيق الأمني الذي يسقط إزاء القرارات والتسويات الكبرى.