غير مصنف

“العمة والحجية والعلوية”.. ألقاب “ميركل” في العراق

لم يعد العراقيون يذكرون “المستشارة الألمانية” إلا ويسبقون “ميركل” بلقب “عمة” أو “حجية” أو “العلوية”، وهي جميعها ألقاب تدل على الاحترام والتقدير. وإن كان لقب الـ”العمة” يمكن للعراقيين أن يعمموه على النساء الأكبر سناً، احتراماً لهن، فالحال يختلف مع لقب مهم هو “الحجية” والثاني الأهم “العلوية”.

وبحسب التقاليد والأعراف المتبعة في العراق، فإن لقب الـ”حجية” وهي كلمة عامية تعني “الحاجّة”، لا تطلق على غير المسلمات، أما “العلوية” فلقب يطلق فقط على النساء اللاتي تعود أصولهن إلى الإمام علي بن أبي طالب.

سبب ذلك يعود لتفاعل العراقيين بشدة مع المواقف التي أعلنتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ عقب دفاعها الشديد عن اللاجئين والهاربين من بلدانهم في العراق وسوريا، وفتحها أبواب بلدها لهم، معبرين عن شكرهم بإطلاقهم تلك الألقاب الاجتماعية التقديرية، احتراماً لوقوفها إلى جانب مظلوميتهم.

يقول الباحث في الأنساب علي حسن الربيعي ، “إن العراقيين بجميع دياناتهم وطوائفهم ومنذ قرون طويلة، اعتادوا إطلاق الألقاب، التي تنقسم إلى عامية، وخاصة، وخاصة الخاصة”.

وأضاف: “إن من أهم الألقاب التي لا يمكن إطلاقها عشوائياً، ولها خصوصية أكبر، لقب السيد، الذي يطلق على الرجل الذي تعود أصوله إلى آل بيت النبوة عبر الإمام علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت النبي محمد، وكذلك العلوية التي تطلق على النساء من الأصل نفسه”.

وفي حال تم إلباس شخصيات لا تنتمي إلى هذا النسب، والحديث للربيعي، فإن “ذلك يدل على تعظيم تلك الشخصية، وهو نادر الحصول”.

الألقاب التي أطلقها العراقيون على ميركل لم تصدر من طائفة دون أخرى، ولعل “المسلمين الشيعة” المعروف عنهم الولاء المطلق “لآل بيت النبوة”، ولا يتجرؤون على إطلاق لقب “العلوية” على غير صاحبة نسب علوي حقيقي، هم أول من بادر إلى فعل ذلك، وفقاً للناشط المدني حيدر قاسم.

وأضاف، إنه “بسبب قيام ميركل بالدفاع عن الهاربين من بطش الحكومة والإرهاب، وغرقهم في البحر، وتبنيها لمواقف إنسانية، بادرتُ ومجموعة من أصدقائي إلى إطلاق لقب العلوية عليها”.

موضحاً أن “اللقب يعني الإنسانية والصدق والإخلاص والتمسك بلب الدين الحقيقي الذي عرف به آل بيت النبوة، وهو بالفعل ما بدر من ميركل”.

مواقع التواصل الاجتماعي العراقي تضج اليوم بمختلف العبارات والصور، التي تؤكد نشوء حب كبير عند العراقيين للمستشارة الألمانية، فما بين أشعار وكلمات مديح، بالإضافة إلى صور تم تصميمها ببرنامج “الفوتوشوب”، عبّر العراقيون عن احترامهم لميركل.

البعض من العراقيين طلب من ميركل في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، أن تتولى رئاسة جمهورية بلدهم، وآخرون يطالبونها بتسيير الجيش الألماني لتحرير العراق، وبعضهم يناشدها بقبول لجوئهم في بلدها، وكثيرون وجهوا لها عبارات الشكر.

وكانوا يستفتحون رسائلهم تلك بلقب الاحترام المعروف: “علوية أو عمة أو حجية”، فيما راح البعض يصنعون صوراً عبر برنامج “الفوتوشوب”، بإدماج صور ميركل مع صور القادة العراقيين؛ في إشارة إلى أن “الإنسانية والوطنية التي تتجسد في هذه المرأة الغريبة، لا يمتلكها قادة العراق”، بحسب المصمم أحمد رياض.

أحمد رياض قال لـ”الخليج أونلاين”، إن “أعمالاً صممها لقيت صدى وانتشاراً كبيراً بين العراقيين، الذين أبدوا تأييدهم لها”، لافتاً إلى أن الصور التي صممها “تحمل تقديراً لميركل وإهانة للحكومة العراقية، التي سرقت أموال الشعب وضيعت العراقيين الذين اضطروا إلى الهرب، وغرق الكثير منهم في البحر”.

وفي آخر تظاهرة (الجمعة الماضي)، حمل المتظاهرون صورة كبيرة لميركل، وفي الخلفية صورة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، وضعت عليها علامة “خطأ”، وكتبت جملة “أشرف من أشرفكم” تحت صورة ميركل، موجهة للحكومة العراقية، في تعبير عن سخط شعبي كبير من السياسيين العراقيين.

وكان تصريح نُسب لإبراهيم الجعفري، بعد تبني ميركل قضية المهاجرين واللاجئين، اتهم فيه الأخيرة بسرقة الطاقات العراقية الشابة، الأمر الذي أشعل غضباً شعبياً عارماً ضد الجعفري.

وتشهد الصفحة الشخصية لأنجيلا ميركل، في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يومياً عدداً كبيراً من التعليقات لمواطنين عراقيين، يثمنون دورها في تبني قضيتهم الإنسانية، في بعضها يتوددون لها بجمل عراقية محببة، وفي أخرى يشيدون بدورها وإنسانيتها، ولا ينفكون يطلقون عليها ألقاب “العمة والحجية والعلوية”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى