أرادوا لاهاي منصة يذرفون حولها الدموع، ظنوا أن القضاء سيتعاطف معهم ويستمع إلى كلامهم، ونسوا أن البينة على من ادعى، ولكن المدعي كان كاذباً، وبياناته كانت هزيلة.
ذهبت قطر إلى محكمة العدل الدولية طالبة تدابير مؤقتة بعد أزمة قطع العلاقات معها، واختارت أن تجرب حظها مع دولة الإمارات فقط، وليس مع الدول الأربع مجتمعة، وتم تجهيز فريق دفاع من عدة أشخاص تناوبوا على شرح الأزمة منذ بدايتها، رغم أن المحكمة غير معنية بالأمر، وهي ذات اختصاص محدود، ومحدود جداً، لا يتعدى الأضرار التي يمكن أن تلحق ببعض الأشخاص نتيجة الإجراءات التي لحقت بقرار قطع العلاقات، فكانت النتيجة حكم حول ثلاث نقاط هي في الأصل قد نظمت ووضعت لها الضوابط القانونية هنا في الإمارات منذ اللحظة التي استشعرت بوجودها الجهات المعنية، وهي قضية الأسر الممتدة بين الدولتين، والطلبة الدارسون في الجامعات، وحق التقاضي للقطريين، وأكدتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيانها الصادر في 5 يوليو 2018.
لقد رحبت دولة الإمارات بقرار محكمة العدل الدولية الرافض للمطالب القطرية جملة وتفصيلاً، أما النقاط الثلاث فهي ليست حكماً، بل تأكيد لإجراءات مطبقة، وهذا يعيدنا إلى بدايات الأزمة عندما أعلنت الدول الأربع مقاطعتها للحكومة القطرية وليس للشعب القطري، والحكم لن يغير شيئاً من الواقع، فالأسر يلتئم شملها، وكلنا نعيش ذلك، فلا تخلو أسرة إماراتية من صلة قربى في قطر، شبابنا متزوجون من هناك، وبناتنا متزوجات ومقيمات هناك، بخلاف الأعمام والأخوال والخالات والعمات، وقد شهدت شخصياً خلال الشهر الفائت، أي منذ عيد الفطر وحتى اليوم تواصلاً للمقيمين في البلدين، فالبنت المقيمة هنا زارت أمها وإخوتها في قطر، وبناتنا المقيمات في قطر قضين العيد معنا برفقة أطفالهن، قبل قرار المحكمة كان ذلك، وبعده سيكون، في ظل قيادة لا تقبل بالحرمان ولا تحتاج إلى ممارسة تضر بالناس، فهؤلاء كانوا أهلنا وسيظلون أهلنا.
نظام قطر لم يكسب شيئاً في لاهاي، عاد كما ذهب، وبعض المرثيات والبكائيات التي قيلت هناك لا تقدم جرعة دواء للمرتعش، ومع ذلك سنتوقع تحركات شبيهة في مواقع أخرى ومنصات أكثر بريقاً، ونحن لن نلتفت إلى الوراء، ما دامت نوايانا سليمة، وإجراءاتنا مطابقة للقوانين المحلية والدولية، وليذهب حملة حقائب الرشاوى إلى أي مكان ليحدثوا ضجيجاً يؤكد خسارتهم وعزلتهم.