حتى مؤخراً، لم يكن من المعروف ما هي الجهة التي ساعدت أوروبا على الإيقاع بخلية إرهابية إيرانية كانت تخطط لتنفيذ عمل إرهابي ضد تجمع للمعارضة الإيرانية في باريس آخر شهر يونيو الماضي، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشف يوم الخميس الماضي أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» نجح في مساعدة فرنسا في تجنب عمل إرهابي بتخطيط إيراني، وذلك عبر تزويد كل من فرنسا وألمانيا وبلجيكا بمعلومات استخبارية أمنية دقيقة أدت إلى كشف العملية الإرهابية قبل حدوثها ومن ثم إفشالها والقبض على دبلوماسي إيراني كان يترأس الخلية الإرهابية التي كانت تنوي تنفيذ الهجوم.
السيناريو الإيراني كان يعتمد بشكل واضح -وفق مراقبين- على تنفيذ العمل الإرهابي ضد المعارضة الإيرانية في فرنسا، وإيقاع أكبر عدد من القتلى والمصابين، ومن ثم يظهر تنظيم «داعش» ليتبنى العملية ويبعد الأنظار عن النظام الإيراني، ويكون النظام الإيراني بذلك قد سرق بريق تجمع المعارضة الإيرانية، وشتت أوراقها، وأحدث فوضى في فرنسا البلد المستضيف للتجمع المعارض، وألهى الأوروبيين في شأن آخر، ومن ثم يخرج النظام الإيراني مقدماً خدماته إلى أوروبا للمساعدة في دحر «داعش» ومحاربة الإرهاب كالمعتاد!
غير أن الرياح جرت بما لا يشتهي النظام الإيراني، حيث تم الإيقاع بالخطة الإرهابية، والقبض على من يقفون خلفها، والكشف عن الخيوط التي تربط تنفيذ هذه العملية بوكر الإرهاب والخراب في باريس، وأعني هنا السفارة الإيرانية! وإذا كان إفشال العملية الإيرانية الإرهابية في فرنسا لم يحز القدر المطلوب من التحليل السياسي والتناول الإعلامي، فإنه من المهم القول بأن الكشف عن هذه العملية وإفشالها، قد أوقع النظام الإيراني في ورطة كبرى مع الأوروبيين الذين كانوا يحاولون إنقاذه من تبعات انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، إلا أن النظام الإيراني آثر أن يلتف ويطعن الأوروبيين في الظهر، لكنهم أمسكوا به قبل أن يتمكن من ذلك.
لهذا، ليس مستغرباً على الإطلاق أن نرى أوروبا، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا، تغيران موقفهما من النظام الإيراني، وتنضمان إلى واشنطن في المطالبة بمحاسبته وردع إرهابه في العالم.