فقه الأولويات هو مصطلح اسلامى ويعنى وضع كل شيء فى مرتبته. فلا يؤخر ما حقه التقديم أو يقدم ما حقه التأخير ولا يصغر الأمر الكبير ولا يكبر الأمر الصغير. وهذا المصطلح تحول الى مفهوم علمى فى علوم التخطيط والإدارة، وهو ببساطة الأهم ثم المهم فيما يخص الفرد أو المؤسسة أو الجماعة أو الدولة. فالحكومات عندما تضع خططها تحدد أهدافها الاستراتيجية وفق أولوياتها، والأولويات هنا أولويات الشعب، ومن أجل تحقيق هذه الأولويات على الحكومة أن تدبر الموارد المالية والبشرية والإدارية لتحقيق هذه الأهداف.
وإن كان بيان الحكومة الأخير قد ابتعد قليلا فى ترتيب الأولويات عن اهتمام الناس فى مصر، فقد تجاهل وضع اطار زمنى لتنفيذ هذه الأهداف حتى يمكن القياس عليها ومراقبة أداء الحكومة يوما بيوم من قبل الشعب، لأن الأهمية القصوى للناس وفقا للترتيب الصحيح الآن الهدف الخامس الخاص بتحسين مستوى معيشة المواطنين هو أولوية الاولويات وهو ما حدده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطاب بداية الجولة الثانية الذى أكد أن أولوية الأولويات بناء الانسان المصرى.
وبناء الانسان لا يأتى الا برفع المعاناة التى شهدها جراء الإقدام على تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى والنهوض بالخدمات من صحة وتعليم وسكن، وكان على بيان الحكومة أن يأتى مفصلا لهذا الخطاب ويضع الخطط التنفيذية لتحقيق هذه الأهداف وبرنامجا زمنيا محددا لتحقيق هذه الأهداف وأن يأتى فى ترتيب الأولويات.
كما كانت الأولوية الثالثة فى كلمة الرئيس واقتبس منها ما قاله نصا «إن مصر العظيمة الكبيرة تسعنا جميعا بكل تنوعاتنا وبكل ثرائنا الحضارى وإيمانا منى بأن كل اختلاف هو قوة مضافة إلينا وإلى أمتنا فإننى أؤكد لكم أن قبول الآخر وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا سيكون شاغلى الأكبر لتحقيق التوافق والسلام المجتمعى وتحقيق تنمية سياسية حقيقية بجانب ما حققناه من تنمية اقتصادية ولن أستثنى من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلا لفرض إرادته وسطوته وغير ذلك، فمصر للجميع وأنا رئيس لكل المصريين من اتفق معى أو من اختلف».
وهو ما لم يظهر فى برنامج الحكومة أى ان الرئيس مع حرية الرأى والتعبير والسماح بالرأى الآخر طالما سلميا ولا يدعو للعنف والارهاب وكان على الحكومة أن تترجم هذه الأولوية فى برنامجها المقدم للبرلمان وأن تتبنى سلسلة من الخطوات لدعم هذه الحرية و حرية الأحزاب السياسية فى العمل وحرية الانضمام اليها ورفع كل القيود عنها وحرية المشاركة والتنظيم، خاصة أن العام القادم سوف تقدم مصر تقريرها الدورى للمجلس الدولى لحقوق الانسان ودعم حرية التعبير التى هى عنوان الحريات سوف تساهم فى تحسين ترتيب التقرير.
وإن كان البرلمان لم يقدم تقرير الرد على بيان الحكومة فأمامه فرصة لترتيب أولوياتها وفق برنامج عمل الرئيس الذى حدده فى خطابه أمام البرلمان عقب أداء اليمين القانونية فمن حقه إعادة ترتيب الأولويات وفق ما طرحه رئيس الجمهورية فى خطابه، كما يجب عليه أن يطلب من الحكومة خطة تنفيذية زمنية لهذا البرنامج، فعلم الأولويات الآن فى يد مجلس النواب لإعادة ترتيبها.