اخترنا لكعالمي

مانديلا.. أيقونة الكفاح السلمي ضد التمييز العنصري

حلّت أمس، الأربعاء، الذكرى المائة لميلاد الرئيس الأسبق والمناضل لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، الذي يعد أحد أبرز المقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة قديماً في جنوب إفريقيا.

ونجح مانديلا في قيادة الشعب للعبور من أمواج الفصل العنصري العاتية إلى بر المساواة بين أبناء البلد الواحد.

أطلق أفراد قبيلته على مانديلا لقب “ماديبا”، والتي تعني “العظيم المبجل”، حيث تطلق القبيلة هذا اللقب على الشخص الأرفع قدراً.

وبحسب المقربين منه، فإن مانديلا كان يعتبر “المهاتما غاندي” المصدر الأكبر لإلهامه في حياته وفلسفته حول نبذ العنف والمقاومة السلمية ومواجهة المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء.

حياته

ولد نيلسون مانديلا، في 18 يوليو 1918 بقرية صغيرة تدعى ميزو في منطقة ترانسكاي، وتم انتخابه رئيساً للقبيلة بعدما توفي والده، وبدأ إعداده لتولي المنصب عندما كان صغيرا، إذ كان مانديلا أول عضو في عائلته يذهب إلى المدرسة، حيث أعطاه معلمه اسم “نلسون”.

وبكل جهد، استعد مانديلا لنيل درجة البكالوريوس من جامعة فورت هار، ولكن لاحقاً تم فصله من الجامعة رفقة صديقه “أوليفر تامبو”، عام 1940 بتهمة الاشتراك في إضراب طلابي.

تنقل مانديلا بين العديد من الجامعات وتابع الدراسة بالمراسلة من مدينة جوهانسبرج، وحصل على الإجازة ثم تسجل لدراسة الحقوق في جامعه ويتواتر ساند.

في هذه الفترة، كانت جنوب إفريقيا تخضع لحكم يقوم على التمييز العنصري الشامل، حيث لا يحق للأفارقة الانتخاب ولا المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شؤون البلاد.

انتمى مانديلا، وهو يتابع دروسه الجامعية، إلى “المجلس الوطني الإفريقي” المعارض للتمييز العنصري عام 1944، وفي نفس العام ساهم في إنشاء “اتحاد الشبيبة” التابع للحزب. كما أشرف على إنجاز “خطة التحرك”، وهي برنامج عمل لاتحاد الشبيبة ، وقد تبناها الحزب عام 1949.

وبدأ الحزب بـ “حملة التحدي” عام 1952، وكان مانديلا مشرفا مباشرا على هذه الحملة، فجاب البلاد كلها ليحض الناس على مقاومة قوانين التمييز العنصري.

ثم افتتح مانديلا مع رفيقه أوليفر تامبو أول مكتب محاماة للأفارقة في جنوب إفريقيا، وخلال نفس السنة، أصبح رئيساً للحزب في منطقة الترانسفال، ونائب الرئيس العام في جنوب إفريقيا كلها.

ومن خلال ممارسته المحاماة، اطلع مانديلا على المظالم التي كانت ترتكب ضد أبناء الشعب، وفي الوقت نفسه اطلع على فساد وانحياز الســلطات التنفيذية والقضائية.

نضاله

دعا مانديلا في البداية إلى المقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد مجزرة شاربفيل التي راح ضحيتها عدد كبير من الأفارقة عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة.

أعقب ذلك قرار السلطات العنصرية بحظر أنشطة حزب “المجلس الوطني الإفريقي”، وتم اعتقال مانديلا حتى 1961. وعقب الافراج عنه قاد المقاومة السرية التي كانت تدعو إلى ضرورة التوافق على ميثاق وطني جديد يعطي السود حقوقهم السياسية، قبل أن ينشيء في نفس العام ما عرف بالجناح العسكري للحزب.

غادر مانديلا البلاد متوجها الى الجزائر عام 1962 للتدريب العسكري ولترتيب دورات تدريبية لأفراد الجناح العسكري في الحزب. وعندما عاد إلى جنوب إفريقيا تم إلقاء القبض عليه بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية، والتحريض على الإضرابات وأعمال العنف.

سجنه

أدانته المحكمة بالتهم الموجهة إليه، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات. وفي الوقت الذي كان يمضي فيه عقوبته، بدأت محاكمة “ريفونيا” التي ورد اسمه فيها، حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة القيام بأعمال التخريب.

وخلال السنوات التي خضع فيها للسجن، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري.

وفي العاشر من يونيو عام 1980، نشرت رسالة، نجح مانديلا في إرسالها إلى للمجلس الإفريقي القومي، حيث قال فيها: “إتحدوا ! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري”.

أصبح مانديلا هوالرمز في سائر صفوف التربية السياسية التي انتشرت في البلاد، وتحولت جزيرة “روبن” التي سجن فيها مانديلا إلى مركز للتعليم.

وخلال سنوات سجنه، لم يغير مانديلا مواقفه، بل ظل ثابتاً عليها، وهو ما كان مصدرا لتقوية عزائم سواه من المسجونين وتشديد هممهم.

وفي السبعينيات، رفض مانديلا عرضاً بالإفراج عنه، حيث شمل العرض عودته إلى قبيلته هادئاً ساكناً. كما رفض عرضاً آخر بالإفراج عنه في عام 1985 مقابل إعلانه رفض العنف.

وفي الـ 11 من فبراير عام 1990، أفرج عن مانديلا ليعلن بعدها وقف الصراع المسلح ويبدأ سلسلة مفاوضات أدت إلى إقرار دستور جديد في البرلمان في نهاية 1993، معتمداً مبدأ حكم الأكثرية وسامحاً للأفارقة بالتصويت.

وتم منح مانديلا، مع رئيس جنوب إفريقيا فريدريك ويليام ديكليرك، جائزة نوبل للسلام، كما نال شهادات شرف جامعية عدة.

رئيسا

وفي الـ 27 من أبريل عام 1994، أجريت أول انتخابات رئاسية في البلاد، والتي أسفرت عن فوز مانديلا، وشغل منصب رئاسة المجلس الإفريقي (من يونيو 1991- إلى ديسمبر 1997)، وأصبح أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا (من مايو 1994- إلى يونيو 2000).

وشهدت جنوب إفريقيا، خلال فترة حكمه، انتقالا كبيراً من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية. وفي يونيو 2004 قرر نيلسون مانديلا ذو الـ 85 عاما التقاعد وترك الحياة العامة، وذلك بسبب حالته الصحية التي أصبحت لا تسمح بالتحرك والانتقال، مفضلا قضاء يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته.

وبالتزامن مع يوم ميلاده التسعين في يوليو 2008، قرر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش بشطب اسم مانديلا من على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة.

وتم نقل مانديلا إلى المستشفى عدة مرات بسبب اعتلال بالجهاز التنفسي.

وتوفي نيسلون مانديلا في الخامس من ديسمبر 2013 عن 95 عاما.

المصدر
نون - خاص

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى