بين الحين والآخر يزاح الستار عن بعض الوثائق والأدلة التى تفضح تورط قطر في دعم الجماعات الإرهابية وفى العديد من الدول، واليوم تكشف الوثائق الجديدة المسربة أدلة دفع الحكومة القطرية مبلغ مليار دولار لمنظمات إرهابية ضمن صفقة إطلاق سراح 28 قطريا بينهم أفراد من العائلة الحاكمة اختطفوا في العراق في عام 2015.
ونشرت قناة BBC البريطانية تقريرا للصحفي باول وود، عرض فيه رسائل قالت إنه حصل عليها من مصادر حكومة لم يذكرها تؤكد أن قطر تلقت مساعدات من عدة أطراف في عدة دول لضمان إطلاق سراح المختطفين .
وأظهرت الرسائل المسربة جزءا من المحادثات بين سفراء قطر ووزير الخارجية القطري، منها ما كتبه سفير قطر في العراق كبير المفاوضين في قضية الرهائن زايد بن سعيد الخيارين، « أن السوريين، وحزب الله، لبنان، كتائب حزب الله، العراق – جميعهم يريدون المال، وهذه هي فرصتهم» ، إضافة إلى حديثه مع أحد الإرهابيين الذي يتفاوض معهم بقوله:« سوف تحصل على أموالك بعد أن نأخذ أفرادنا »حسبما أفاد موقع العربية.
وتظهر الوثائق كيف أن وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني كان له قريبان مباشران من ضمن الرهائن وأنه دعى السفير إلى متابعة القضية بكل دقة ,وابلاغه بكل جديد.
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد نشرت تفاصيل الصفقة في أبريل 2018، لكن الجديد في تقرير BBC هو أنه يظهر وثائق تدين قطر وتثبت علمها بهوية الإرهابيين الذين كانت تتعامل معهم، وأيضا أنها كانت تدفع أموالا لمليشيات إرهابية مسلحة بعد أن كانت تصر على أنها دفعت أموالا فدية لحكومة العراق.
وكشفت الوثائق عن أن دبلوماسيين قطريين وقعوا على سلسلة من الدفعات الجانبية تتراوح بين 5 إلى 50 مليون دولار إلى مسؤولين إيرانيين وعراقيين وزعماء شبه عسكريين، مع تخصيص 25 مليون دولار لمسؤول كبير بميليشيات حزب الله.
كما تشير إلى أن مبلغ 360 مليون دولار تمت مصادرته في مطار بغداد كان موجهاً إلى جماعات وفصائل إرهابية، بمن فيهم الإيراني قاسم سليماني، وعدد من المسؤولين.
وإضافة إلى تخصيص 50 مليون دولار لقاسم سليماني، تظهر الرسائل التي تم الحصول عليها من بريد إلكتروني مخترق أن خطة السداد قد خصصت مبلغا نقديا إضافيا بقيمة 150 مليون دولار للأفراد والجماعات الذين يعملون كوسطاء.
ومن الوسطاء الذين أشار إليهم التقرير ميليشيات كتائب حزب الله، وهي جماعة شبه عسكرية عراقية ، إضافة إلى ميليشيا حزب الله اللبنانية، ومجموعتين معارضتين سوريتين على الأقل، بما في ذلك جبهة النصرة الجناح العسكري المرتبط بتنظيم القاعدة في سورية. وفي حين انقضت واحدة من جلسات النقاش بين القطريين والإرهابيين، تبين أن أحد المفاوضين من كتائب حزب الله، يدعى أبو محمد، أخذ السفير جانبا وطلب مبلغ 10 مليون دولا ر لنفسه.
وقال السفير الخيارين في رسالة بالبريد الصوتي «طرح أبو محمد : سؤالا ما فائدتي من ذلك؟ بصراحة أريد 10 مليون دولار، قلت له، 10 ملايين؟ لن أعطيك 10 . إلا إذا سلمتني جميع الرهائن …» لتحفيزه، أخبرته أيضا أنني على استعدادٍ لأن أشتري له شقة في لبنان».
ووفقا للوثائق المسربة فقد ارتفع المبلغ الإجمالي المطلوب إلى مليار دولار لعودة الرهائن الذين أثيرت أنباء عديدة في حينها بشأن إقدام الخاطفين على إعدامهم غير أن الناطق الرسمي باسم هيئة الحشد الشعبي في العراق النائب أحمد الأسدي قد نفى ذلك أكثر من مرة.
وأثبتت الوثائق المسربة أن قطر لعبت دور الوسيط بين جيش الفتح وإيران، من أجل خروج اتفاق «المدن الأربع» المثير للجدل كونه شكل تغييرًا ديمغرافيًا كبيرًا في سوريا. كما أشارت المحادثات بين السفير القطري ومسؤولي بلاده أن قاسم سليماني ضغط من أجل تأمين تنفيذ الاتفاق.
وتشير الوثائق إلى انه في شهر أبريل لعام 2016 أضيف للسجلات الهاتفية اسمٌ جديد: قاسم سليماني، وهو الراعي الإيراني لكتائب حزب الله، حيث السفير رسالة إلى وزير الخارجية قال فيها: «لقد التقى سليماني بالخاطفين مساء أمس وضغط عليهم من أجل قبول المليار دولار. لم يستجيبوا بسبب وضعهم المالي… سليماني سيعود».
وفي الرسائل النصية، كان ضابط المخابرات القطري، جاسم بن فهد آل ثاني – وهو قريب أمير البلاد حاضرًا على الميدان ومشرفا على إفراغ المدن من السنة وتأمين الشيعة . وتظهر الوثائق رسالة قال فيها «أولا لقد نقلت « 46 حافلة» الناس من المدينتين السنيتين في سوريا».
وكتب جاسم بن فهد في رسالة نصية:« لقد أخرجنا 5000 شخص على مدى يومين. والآن نحن بصدد اخراج 3000 شخص… لا نريد حدوث أي تفجيرات». وبعد بضعة أيام، تم إخلاء المدن الشيعية.
وتظهر الرسائل النصية ورسائل البريد الصوتي أن قطر أرسلت أموالا إلى الإرهابيين وربما علاقات وثيقة سابقة لحادثة «الاختطاف» حيث يشير بريد صوتي من السفير الخيارين يقول فيه لكتائب حزب الله:« يجب أن تثقوا بقطر، وأنتم تعلمون ما فعلته قطر وما فعله صاحب السمو، والد الأمير .. لقد فعل أشياء كثيرة، ودفع 50 مليونا، ووفر البنية التحتية للجنوب، وكان أول من زارها». وتعتقد مصادر، حسب BBC، أن هذا المبلغ تم تسليمه إلى كتائب حزب الله في تاريخ سابق مما يظهر الدعم لميليشات الشيعة بشكل عام.
وأظهرت بعض الرسائل الصوتية أنه في مرحلة طلب الخاطفون أن تغادر قطر التحالف العربي لقتال الملشيات الحوثية في اليمن، وكذلك تأمين إطلاق سراح الجنود الإيرانيين المحتجزين في سوريا.
ويذكر أن أزمة الرهائن انتهت في أبريل 2017 وتشير التسريبات التي حصلت عليها BBC أن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية حلّقت إلى بغداد لنقل الأموال واستعادة الرهائن. وهو ما أكده مسؤولون القطريون، رغم أن الخطوط الجوية القطرية نفسها امتنعت عن التعليق.
وقال تقرير BBC إن من شأن ذلك أن تكون له تداعيات في ملف النزاع بين دول الخليج وقطر بشأن أجواء رحلات الطيران حيث أن استخدام الناقل الوطني لقطر في نقل أموال لإرهابيين سيكون له تأثير.