التبوريدة أو الفروسية الاستعراضية أو الفانتازيا أو الباردية، مسميات عدة لتراث شعبي عريق وطقس احتفالي يعد بحق وجه من وجوه الأصالة المغربية العريقة، ومن التقاليد التراثية التي ظلت متوهجة وحية ولم تُركن في زوايا النسيان، فاستطاعت الصمود لما تحمله من خصوصية وجمالية تجعل منها مصدر بهجة ومتعة للمتفرج وأيضا لحمولتها في الوجدان الجمعي المغربي، حيث ممارسوها تتفجر لديهم روح المقاومة فيستعيدون بسالة وشجاعة الفرسان.
والتبوريدة بصبغتها الاحتفالية وحضورها المتميز تمنح المناسبات الوطنية والأعياد والمناسبات الخاصة جماليتها وتسهم في الرفع من وتيرة الأجواء الاحتفالية، وهي ليست حكرا على منطقة دون أخرى في المغرب، وإنما تنتشر في كل ربوعه.
التبوريدة تراث أصيل:
فن التبوريدة يعود للقرن الخامس عشر، وأصل التسمية مشتق من البارود الذي ينطلق من فوهات البنادق التي يحملها الفرسان.
وما يمكن قوله عن عروض الفروسية، أنها نوع من استعادة تاريخ الفرسان المغاربة كمحاربين شجعان، واستعادة بعض من طرق الحرب التي خاضوها وأيضا يمكن اعتبارها نوع من استمرارية جزء من بطولاتهم التي أنجزوها وهم يحاربون المستعمر ويردون الغزاة عن الثغور المغربية، سلاحهم البندقية أو «المكحلة» كما كانت تسمى في الماضي فيتم ربط الماضي بالحاضر.
عرض التبوريدة يُقدم في فضاء واسع هو الميدان الذي تقطعه الخيول عدوا مع ما يرافق ذلك من طقوس وحركات وهو أمر يميزها عن باقي الفنون التراثية الأخرى التي تمارس في فضاء ضيق، كما أن التبوريدة تجمع الفرس والجواد الذين يؤديان الوصلة في انسيابية وانسجام تام يصل درجة الاتحاد، ويبدأ العرض بطيئا ثم تعلو وتيرة سرعته ليصل إلى الذروة بإطلاق النار من البنادق، ففي خط مستقيم تصطف الخيول وهي تتوق للانطلاق في اتجاه واحد والفرسان يتحكمون فيها فتخب في البداية بتمهل، لكن تعلو وتيرة سرعتها بعد ذلك لتصل إلى ذروتها مع الاقتراب من نهاية الميدان أو (المحرك) الذي يصل طوله إلى مائتا متر، وأثناء اختراق الميدان يتم تنفيذ تعليمات المقدم الصوتية، والذي يصيح (آلمكاحل) وهي إشارة للاستعداد لاستعمال البنادق، ولما يصيح (آروا الخيل) فهي إشارة منه لإطلاق العنان للخيول لتنطلق بأقصى سرعتها، وتطلق النار من البنادق المحشوة بالبارود مع صيحة المقدم، والطلقة يجب أن تكون متزامنة وفي وقت واحد وكأنها طلقة واحدة كعلامة على انتهاء الجولة.