ثمة حقيقة ينبغي أن يدركها الجميع، وهي أن الثورة السورية قد فشلت، وسقطت، ولم يتبق لها سوى بعض الجيوب، في الوقت الذي يبسط فيه النظام السوري سيطرته على قرابة 80% من الأرض في سوريا، ويتجه نحو استكمال سيطرته على كامل الأراضي. وهذا سوف يعني انتهاء جميع المجموعات المسلحة التي عملت في وقت ما تحت مسمى «الجيش الحر»، ثم ما لبثت أن تناحرت فيما بينها، ودخلت على الخط جماعات أخرى مثل «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرها من الجماعات التي انبثقت عن تنظيم «القاعدة»، وتسير على نفس أيدلوجيته.
فشلت الثورة السورية لعدة أسباب، من بينها عدم اتحاد أقطاب المعارضة السورية، وانقسامهم طوال سنوات الثورة، لكن ما هو أقوى من هذا السبب هو أن الثورة السورية لم تكن تواجه النظام السوري وحيدًا، بل كانت تواجه إيران وروسيا وحتى سياسات الولايات المتحدة الأمريكية إبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما، حيث مكنت تلك السياسات الإيرانيين والروس والنظام السوري من الانقضاض على الشعب السوري والنيل منه، وسحق الثورة، على أشلاء ودماء ملايين البشر.
الواقع الذي لا نقاش فيه الآن هو أن النظام السوري باق في الحكم بعد أن كان على حافة السقوط، وأن السوريين الذين تشردوا وهجروا ديارهم لا بد لهم من العودة مجددًا إلى ديارهم في أعقاب الاتفاقات الدولية التي سوف تجبر الإيرانيين على مغادرة الأراضي السورية، وإخراج جميع مليشياتهم، وفتح الطريق أمام النازحين والمهاجرين والمشردين للعودة بسلام.
مغادرة النظام الإيراني الأراضي السورية هو بحد ذاته هزيمة له، فإذا كانت الثورة السورية قد فشلت، فإن النظام الإيراني يتجه نحو الهزيمة في سوريا، بعد أن تم استنزاف مليارات الدولارات من أمواله، وآلاف الجنود من قواته ومليشياته، وسوف يتم إخراجه باتفاق دولي، ولن يتمكن من الوصول إلى أهدافه الاستراتيجية التي كان يسعى إليها، وخصوصًا تحقيق الجسر البري الذي يربطه عبر سوريا بلبنان، مع خسارته البنى التحتية لقواعده العسكرية في سوريا بعد أن دمرها الطيران الحربي الإسرائيلي، وبعض الغارات الجوية الأمريكية.
في المحصلة النهائية، سوف يعود الوضع في سوريا إلى ما كان عليه، سيطرة النظام على الأرض، وعودة السوريين إلى ديارهم، وإخراج الإيرانيين، وخطط لإعادة الإعمار، وتبقى الاتفاقات المتبقية بين الأمريكيين والروس، حيث ستكشف عنها المرحلة المقبلة.