عالمي

لماذا تهدد الهجرة مستقبل الحكومة الألمانية؟

تهدد قضية الهجرة مستقبل الحكومة الألمانية من جديد، بعد أن نجحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في توقيع اتفاق أوروبي عام يؤكد أهمية تقاسم المسؤولية بين الفرقاء الأوروبيين.

 

وعقدت ميركل والجناح اليميني في تحالفها الحكومي، اجتماعاً أمس، في محاولة أخيرة لتسوية الخلاف الحاد بينهما حول قضية المهاجرين التي تهدد الحكومة واللحمة الأوروبية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتتمحور المواجهة حول مسألة إبعاد جميع المهاجرين الذين سجل دخولهم في بلد أوروبي آخر عند وصولهم إلى حدود ألمانيا، وهو ما يدعو إليه وزير الداخلية هورست زيهوفر زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي، حليف حزب ميركل البافاري المحافظ.

وكانت ألمانيا تنتظر التوصل إلى تسوية أول من أمس، لكن بعد اجتماع لقادة الاتحاد الاجتماعي المسيحي استمر عشر ساعات، عرض زيهوفر الاستقالة من منصبه ومن رئاسة الحزب، قبل أن يعلق قراره إفساحا لجولة أخيرة من المفاوضات مع ميركل. وصرح خلال الليل: «قلت إنني سأقدم استقالتي من المنصبين، وسأنفذ هذا القرار في الأيام الثلاثة المقبلة»، ملمحا إلى أن الغموض قد يستمر لمزيد من الوقت في حين يدخل الخلاف أسبوعه الرابع.

 

في هذه الأثناء، يبقى الائتلاف الحكومي الهش الذي تشكل بمشقة في مارس (آذار) بين الاتحاد الاجتماعي المسيحي وحزب المستشارة الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين، عالقا في انتظار نتيجة مساعي اللحظة الأخيرة، كما يبقى التحالف الذي يعود إلى 1949 بين اليمين البافاري ووسط اليمين بزعامة ميركل عالقا كذلك.

 

وتعتبر المستشارة أنها استجابت لمطالب وزيرها، بعدما شددت سياستها الخاصة بالهجرة منذ سنتين، ولأنها فاوضت خلال القمة الأوروبية الأسبوع الماضي بشأن تدابير تعتبرها «أكثر من مساوية» للإجراءات التي يطالب بها زيهوفر. لكن وزير الداخلية أثار مفاجأة بإعلانه أمام أنصاره أمس أن طرح المستشارة غير كاف إطلاقا، واضعا مستقبله السياسي في الميزان إلى جانب مستقبل الحكومة.

 

وطرح زيهوفر لاحقا ثلاثة سيناريوهات ممكنة، موضحا أنه إما أن يلتزم بسياسة الحكومة، أو يتخطى اعتراضات ميركل ليفرض من تلقاء نفسه تدابير رد المهاجرين على الحدود، ما سيؤدي إلى إقالته ويقود على الأرجح إلى سقوط الائتلاف الحكومي، أو أخيرا أن يقدم استقالته.

 

وفي ضوء هذه الأزمة التي يتم تأخير تسويتها مرة بعد مرة، كتبت مجلة «دير شبيغل» على موقعها الإلكتروني ساخرة: «يستقيل، لا يستقيل… الخلاف بين المستشارة ميركل ووزير داخليتها يزداد عبثية». وتابعت الصحيفة: «في نهاية المطاف، قد تسقط الحكومة وقد يجعل حزب عريق نفسه أضحوكة»، معتبرة أن استراتيجية الاتحاد الاجتماعي المسيحي لإرغام ميركل على القبول بمواقفه فشلت.

 

فجميع استطلاعات الرأي توحي بأن الألمان غير موافقين على الخط الخلافي الذي اتبعه الوزير، ولو أنهم مؤيدون بمعظمهم لأفكاره. وعلى صعيد آخر، فإن نوايا الأصوات لصالح حزبه في الانتخابات المحلية في بافاريا الخريف المقبل تتراجع بشكل مطرد، لصالح حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف.

 

وإن كان زيهوفر يعتمد هذا الخط البالغ التشدد، فلأنه في الواقع على خلاف مع ميركل بصورة شبه متواصلة منذ قرارها عام 2015 فتح أبواب البلاد أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء، وهو قرار موضع جدل محتدم في ألمانيا. وهو يندد باستمرار منذ ثلاث سنوات بخيار المستشارة، ويبدو هجومه الآن موجها ضد المستشارة نفسها التي بات المحافظون المتشددون يعتبرونها عقبة على ضوء صعود اليمين المتطرف. وأيا كانت التسوية، فإن ميركل ستخرج من هذا الخلاف في موقع أكثر ضعفا في أفضل الحالات، وفي أسوأها، قد تكون على وشك فقدان السلطة بعد أقل من عام على فوزها بفارق ضئيل في الانتخابات التشريعية.

 

وبعد بقائها لنحو 13 عاما في السلطة، تجد ميركل نفسها في مواجهة حركة تمرد صريحة داخل حكومتها، ومقاومة في غالب الأحيان في أوروبا، ولا سيما مع الدول الشرقية والنمسا، وأخيرا في نزاع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول عدد كبير من القضايا.

Source
نون-وكالات

أخبار ذات صلة

Back to top button