السيد زهره يكتب: بين البحرين وإيران .. بين السماء والأرض
هذا إنجازٌ كبير للبحرين يستحق التوقف عنده والاحتفاء به.
نعني احتلال البحرين مركزا متقدِّما جدا ضمن الفئة الأولى في قائمة وزارة الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر ومكافحته، وبناء على ذلك تم تكريم أسامة العبسي الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص ضمن عشر شخصيات عالمية فقط تم تكريمها.
الأمر الذي يجب تأكيده هنا ولفت الانتباه إليه أن هذا الإنجاز لم يأت من فراغ. أصلا، تقييم وضع الدول في مجال مكافحة الاتجار بالبشر يتم وفق معايير صارمة محددة معروفة يجري تطبيقها على كل الدول بشكل موضوعي، وبناء عليها يتم تقسيم الدول إلى ثلاث فئات، من الأفضل إلى الأسوأ.
هذه المعايير تتعلق بالسياسات والإجراءات العملية المتخذة لمكافحة الاتجار بالبشر، وتتعلق أيضا باحترام البلد لحقوق الإنسان بصفة عامة.
بعبارة أخرى، ما كان للبحرين أن تحتل هذه المكانة لولا أن لها إنجازات كبيرة مشهودة في مكافحة الاتجار بالبشر. لسنا هنا بصدد استعراض السياسات التي اتبعتها البحرين والإجراءات العملية التي اتخذتها فعلا في هذا المجال، فقد أعلنتها بالفعل الخارجية الأمريكية في تقريرها. يكفي أن نشير إلى أن الخارجية الأمريكية أعلنت في معرض حديثها عن وضع البحرين في هذه المكانة العالمية المتقدمة أن «البحرين حققت الالتزام الكامل بمعايير القضاء على الاتجار بالبشر».
بطبيعة الحال، ما كان للبحرين أن تحقق هذه الإنجازات وتحتل هذه المكانة، لولا أن قيادتها قيادة تحترم الإنسان وتحرص على حفظ كرامته، وتعطي حقوق الإنسان أولوية قصوى في مواقفها وسياساتها.
كل هذه القيم وغيرها من القيم النبيلة هي جوهر المشروع الإصلاحي الديمقراطي الكبير الذي أطلقه جلالة الملك، وعملت مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة على ترجمتها في شكل سياسات وإجراءات عملية.
ولا يملك المرء إلا أن يقارن بين هذه المكانة العالمية للبحرين وهذا الإنجاز الذي حققته، ووضع إيران ومكانتها في نفس تقرير الخارجية الأمريكية.
تقرير الخارجية الأمريكية وضع إيران على رأس أسوأ الدول في العالم فيما يتعلق بالاتجار بالبشر. ولنلاحظ أن إيران احتلت هذه المكانة وسط 187 دولة شملها تصنيف الخارجية.
أيضا هنا، تصنيف إيران كأسوأ دولة في العالم في هذا المجال جاء بناء على معايير محددة تم تطبيقها، وبناء عل أسباب وعوامل كثيرة ذكرها التقرير من بينها مثلا تجنيد الأطفال في الحروب، وانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة جدا في إيران، وخصوصا للأقليات والنساء.. وهكذا.
وليس هذا بالأمر الجديد، فمعروف أن النظام الإيراني لديه سجل أسود في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان بشهادة كل التقارير الدولية، وبشهادة الشعب الإيراني نفسه الذي فاض به الكيل وانتفض ضد النظام.
والتصنيف الأخير لإيران في مجال الاتجار بالبشر يمكن أن يضعها تحت طائلة عقوبات دولية جديدة.
هذا إذن هو الفارق بين البحرين وإيران.
هو بالضبط كالفارق بين السماء والأرض.
البحرين بلد يحفظ للإنسان كرامته ويحمي حقوقه من دون تمييز.
وإيران بلد لا كرامة للإنسان فيه، والنظام ينكل بالإنسان ويعصف بكل حقوقه، ويمتهن إنسانيته.
النظام الإيراني يفعل هذا وفي الوقت نفسه يبدد ثروات البلاد في دعم وتمويل الإرهاب والجماعات الإرهابية في المنطقة ولإشاعة الفوضى.
الأمر العجيب أن النظام الإيراني الذي يفعل هذا وينكل بشعبه على هذا النحو ويحرمه من أبسط حقوقه يبرر إرهابه بالدفاع عن الشعوب، أو عن الشيعة في المنطقة.
الأمر باختصار أن هذا النظام الإيراني، وبكل هذه الشهادات الدولية، يقدِّم أسوأ نموذج لنظامٍ سياسي في العالم، ولا يمكن أبدا أن يكون قدوة لأي أحد.
هذا أول ما يجب أن يدركه الكلُ، وبالأخص شيعة الدول العربية.