بدون مجاملات، أو مواءمات، هزائم مصر الثلاث، خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم، ليس سببها اللاعبين، ولا أخطاء أحمد فتحى أو على جبر.. مصر ذاقت مرارة الهزائم المخزية بسبب سوء إدارة اتحاد الكرة، لملف البطولة منذ بدايته، وحتى هزيمتنا الثالثة بأقدام الأشقاء السعوديين!! إذا أردنا اللف والدوران، ومسك الأذن اليسرى، باليد اليمنى، سنقوم بالهجوم على اللاعبين، وجهازهم الفنى، أما إذا اردنا الإصلاح، فعلينا مطالبة الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم بكل وضوح وصراحة بمحاسبة مجلس إدارة الاتحاد، الذى تلاعب بمشاعر الشعب المصرى، وأهدر المال العام، بعد خسارة المنتخب لجميع مبارياته، فحقق نتائج أفسدت المزاج العام للمصريين، الذين يبحثون عن كرة القدم، مصدر الفرحة الرئيسى، لتفريغ متاعبهم، والهروب إليها من متاعب الحياة، وضغوطها الاقتصادية!
يجب أن أستعير الجملة الهامة التى قالها فاروق جعفر منذ سنوات حول مفهوم النجاح فى كرة القدم، فقال: «البطولة فى المكتب.. وليست فى الملعب».. وهى جملة حقيقية تعنى أن من يريد الفوز فى بطولات كرة القدم عليه الاستعانة بمن يفهم فى هذا الملف المهم والكبير، بعيدًا عن المصالح أو المجاملات، أما ما حدث خلال هذه البطولة وما قبلها، يتحمل مسئوليته مجلس اتحاد الكرة الذى لم يتعب فى المكتب.. فلم نحقق نتائج فى الملعب! ويستند المجلس إلى قوانين الاتحاد الدولى الذى يمنع الحكومات من التدخل فى شئون اتحادات كرة القدم، فأصبحت كرة القدم المصرية، فى قبضة عدة اشخاص يتلاعبون بها كيفما شاءوا!
تعالوا نناقش أسباب ما حدث، لنعرف أن هذا الاتحاد، يستحق المحاسبة.. وقطعًا سنبدأ بمشكلة اختيار «هيكتور كوبر» نفسه، فهو مدرب ضعيف، طريقة لعبه لا تتناسب مع تركيبة وطبيعة لعب الكرة المصرية التى تميل للهجوم، والاستحواذ على منتصف الملعب، ولكن «كوبر» فرض على فريقنا، الذى يوجد بين أفراده واحد من أفضل المهاجمين فى العالم، طريقة لعب دفاعية، اصابت الشعب المصرى بكل امراض الاكتئاب، ورغم ذلك كان لدى اتحاد كرة القدم رأى آخر، وهو أنه مدرب عالمى ليس له مثيل، ولم يتعلموا من منتخب إسبانيا الذى أقال مدربه الذى تسبب فى وصول الفريق لكأس العالم، وقام بتغييره، لأن نتائجه فى المباريات التجريبية، لا تتناسب مع أهمية البطولة، وقاد منتخب إسبانيا مدرب بديل، وكان قرارًا شجاعًا من اتحاد الكرة الإسبانى!
اتحاد الكرة، سقط فى أزمة كبيرة، قبل انطلاق مباريات كأس العالم، عندما تم وضع صورة النجم محمد صلاح على طائرة المنتخب، بجوار إعلان صريح لإحدى شركات الاتصالات، وتسبب فى مشكلة للاعب الذى واجه معركة قانونية مع إحدى شركات المحمول المتعاقدة معه، والتى كادت تتمكن من تغريمه مبالغ تساوى كل ما تحصل عليه من أموال طوال تاريخه الاحترافى، ففقد تركيزه، بسبب استهتار اتحاد كرة القدم، وسذاجة القائمين على إدارة شئونه الإدارية! وقطعًا.. الإدارة المحترفة لا يفوتها صغيرة ولا كبيرة وهى تستعد، لإدارة شئون فريقها خلال بطولة كبيرة وعظيمة، ولا تتكرر كثيرًا لبلادنا، فكيف نتعامل بهذه البساطة مع تفاصيلها؟
قبل السفر إلى روسيا، تفجرت أزمة كبيرة بين هانى أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة، ومجدى عبد الغنى عضو الاتحاد، وكان الخلاف سببه، أن عبدالغنى، عضو الاتحاد، شارك فى برنامج يسخر من المدير الفنى للفريق الوطنى، فتم حرمانه من السفر مع المنتخب، فقام عبدالغنى باقتحام مخزن ملابس الفريق، وتساءل عبدالغنى عن مكان ملابس الفريق التى تم الاتفاق على شرائها، والغريب أن أبوريدة قام بــ«لم» عبدالغنى وسمح له بالسفر لروسيا، و«يا دار ما دخلك شر» طبعًا.. هذه الأزمة كانت كاشفة لما يحدث فى كواليس الاتحاد، فقد اكتشف المصريون، أنه عزبة، وليس مؤسسة يمكن لأحد محاسبتها، ومساءلتها، عن اسم مصر وأموالها وتاريخها!
تسبب اتحاد الكرة فى التأثير السلبى على المنتخب المصرى، بعد قرار مسئوليه بالإقامة فى «الشيشان» لأسباب غير معلومة، رغم ابتعاد الشيشان عن أماكن وملاعب المباريات المقررة، ما تسبب فى إجهاد لاعبى المنتخب، ودخولهم فى دائرة إرهاق لم تتوقف، بل إن المسئولين فى الاتحاد فتحوا ابواب الفندق ومقر الإقامة، فأصبح «سداح مداح» للجماهير، والفنانين، وأصدقاء المسئولين فى الاتحاد، رغم أن كلمة مقر الإقامة تعنى إقامة معسكر مغلق، لفريق يستعد لخوض معارك رياضية تاريخية ومهمة، ولا تعنى أن اللاعبين فى نزهة، وإلى الآن لم نعرف من المسئول عن هذه المهزلة التى جعلت اللاعبين، يتفرغون للتصوير بدلًا من الراحة والتركيز فى مباراة روسيا!
الكارثة الكبرى التى تسبب فيها هذا الاتحاد، هو ما حدث مع أيقونة المنتخب المصرى، النجم محمد صلاح الذى تعرض لهجوم الصحف الإنجليزية، بعد تسبب المسئولين بالاتحاد فى توريطه فى مسائل سياسية، ليست من شأنه، وحضوره حفلا نظمه رئيس الشيشان، الذى منح صلاح حق المواطنة، فمحمد صلاح لا يعرف الفارق بين الشيشان، والبوسنة والهرسك، وكل علاقته بهذه الحياة منفذها كرة القدم، التى تمثل له المجال الثقافى الوحيد، وكان يجب على مسئولى الاتحاد الانتباه لخطورة خلط الرياضة بالسياسة، وتوريط اللاعب فى ازمة تكريم رئيس الشيشان له، ومنحه الجنسية الشيشانية، ليجد صلاح نفسه فى مواجهة أعداء رئيس الشيشان، وفى مقدمتهم الإعلام الأوروبى، وكان لهذه الأزمة تأثيرها السلبى على اللاعب، الذى قد يواجه أزمات تسويقية فى المستقبل!
حاسبوا هانى أبو ريدة ورفاقه.. ولا تذبحوا اللاعبين!