قبل نحو عشرة أيام، استمعت مطولا باهتمام شديد في إذاعة البحرين إلى حلقة من حلقات البرنامج الإذاعي «مجالس الشباب».
موضوع النقاش في الحلقة كان موضوعا ليس مهما فقط، بل هو أهم وأخطر الموضوعات بالنسبة إلى البحرين وكل الدول العربية.. قضية التطرف والعنف والإرهاب في دولنا ومجتمعاتنا.
كانت الأسئلة الأساسية المطروحة للنقاش بداهة حول ظاهرة التطرف هي: ما هي منابع التطرف وجذوره؟.. ما هي أسبابه والعوامل التي تقود إليه؟.. كيف يمكن التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة ومواجهتها؟
المتحدثان الرئيسيان في البرنامج كانا الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الدولية رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، والعميد محمد بن دينة مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية. وشارك في الحديث ايضا عدد من الباحثين والكتاب والشخصيات العامة.
الذين تحدثوا في البرنامج قدموا أفكارا ورؤى قيمة حول القضية، وأثاروا إجمالا أغلب الجوانب الكبرى التي يجب التطرق إليها عند أي نقاش حول التطرف والعنف في البحرين والدول العربية عموما.
ويمكن تلخيص أهم الأفكار التي طرحها المتحدثون في البرنامج فيما يأتي:
أولا: أننا نواجه في البحرين والدول العربية تطرفا دينيا وفكريا وسياسيا في آن واحد.
وهذا التطرف الديني والفكري هو المنبع الأساسي للتطرف السياسي، والذي يقود بدوره إلى العنف ثم إلى الإرهاب.
ثانيا: ومما يشجع على التطرف ويفاقم الظاهرة في الدول العربية أن هناك منابر إعلامية تلعب دورا كبيرا واضحا في الترويج للأفكار والجماعات والقوى المتطرفة، وتحرّض على اللجوء إلى العنف والإرهاب.
وقد تطرق العميد بن دينة بهذا الصدد مثلا إلى الدور التخريبي الذي تلعبه قناة الجزيرة القطرية، وقال إن القناة لعبت دورا كبيرا في الترويج للتطرف والعنف والإرهاب، وأساءت إلى الإسلام، وارتبطت بالتنظيمات الإرهابية.
وغير قناة الجزيرة، هناك بالطبع مواقع التواصل الاجتماعي والدور السلبي الذي تلعبه في أحيان كثيرة، وأيضا قنوات تلفزيونية طائفية ومتطرفة.
ثالثا: أنه مما يفاقم من ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب في الدول العربية حقيقة أن هناك دولا في المنطقة تتبنى سياسة تشجيع العنف والإرهاب وتحرض عليه رسميا، ولا تكتفي بهذا، بل تدعم الجماعات والقوى المتطرفة والإرهابية بالمال والسلاح والتدريب والدعم السياسي والاعلامي.
ومن المعروف أن أكبر دولتين راعيتين للتطرف والإرهاب في المنطقة هما إيران، وقطر.
وقد تحدث الشيخ عبدالله بن أحمد في هذا السياق عن دور إيران، وقال إنها هي الراعي الأول للأصولية والتطرف في المنطقة، وإن البحرين والدول العربية الأخرى عانت كثيرا جرَّاء تدخلات إيران في شؤونها الداخلية واحتضانها ودعمها للجماعات والتنظيمات الإرهابية.
رابعا: أنه لا يمكن بداهة الحديث عن ظاهرة التطرف في مجتمعاتنا بمعزل عن مجمل المناخ العام، والأوضاع الاجتماعية والسياسية والسائدة.
في هذا السياق، لا يمكن الحديث عن التطرف في مجتمعاتنا بمعزل عن التطرق إلى دور الأسرة والقيم والمواقف التي تربي الأبناء عليها، والتعليم وما يلعبه من دور، والإعلام ودوره، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة وخصوصا فيما يتعلق بجيل الشباب.
خامسا: أنه على ضوء كل هذا، يتضح أن أي مواجهة لظاهرة التطرف وأي تعامل ناجح معها بحيث يقضي عليها، يجب أن تكون مواجهة شاملة، بمعنى التعامل مع مختلف المنابع والأسباب والعوامل التي تقود إلى التطرف وتغذيه في آن واحد.
كما أن مواجهة التطرف ليست مسؤولية الدولة وحدها، وإنما هي مسؤولية مشتركة يجب أن تقوم بها الدولة، وكل قوى المجتمع المدنية في الوقت نفسه، وأجهزة الإعلام، ورجال الدين.. وهكذا.
هذه بعض الأفكار المهمة التي استمعت إليها في البرنامج عن ظاهرة التطرف والإرهاب بشكل عام.
لكن، ماذا عن التطرف في البحرين تحديدا؟
أثيرت هنا جوانب وقضايا مهمة سنتوقف عندها في المقال القادم بإذن الله.