على دوي الخسارة الموجعة بخمسة أهداف نظيفة من منتخب روسيا في افتتاح مونديال كأس العالم في روسيا الخميس الماضي، بدا واضحاً أن المنتخب السعودي قد دخل في أزمة علاقات عامة من الدرجة الأولى، اهتزت معها صورته أمام جمهوره، فضلاً عن صورته أمام مئات الملايين من جماهير كرة القدم حول العالم الذين تسمروا لمتابعة انطلاق أهم البطولات، الأمر الذي دفع رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ للاعتذار وإعلان تحمله المسؤولية عبر حسابه في «تويتر» بعد أقل من ست ساعات من نهاية المباراة الكارثية.
وعلى رغم أن حجم الضرر الذي لحق بسمعة الأخضر السعودي كان كبيراً للحد الذي يفوق قدرة أي خطة إعلامية أو حملة لتصحيح الصورة الذهنية، إلا أن تصريح تركي آل الشيخ كان إيجابياً من منظور إدارة أزمة علاقات عامة، حتى أن التفاعل مع تغريدته بلغ أكثر من 83 ألف إعادة تغريد وإعجاب ورد في المنشن، ومليوني مشاهدة، كأعلى أرقام تفاعل مع تصريح إعلامي للمسؤول الأول عن الرياضة السعودية.
وإن حمل التفاعل مع تصريح آل الشيخ آراءً مؤيدة وأخرى معارضة إلا أن محتوى التصريح كان مستوفياً لرد الفعل الإعلامي والرسائل الاتصالية المفترضة وقت الأزمات، إذ أعلن تحمله مسؤولية التقصير بالدرجة الأولى، ثم شخص المشكلة بأن الحدث فاق امكانات المنتخب قبل أن يقدم ملامح استراتيجية محتملة للعلاج عبر ابتعاث النشء إلى حيث مدارس كرة القدم العالمية، وزاد على ذلك بأن أعطى الفرصة للجماهير بمشاركته الآراء والمقترحات لتجويد أي خطة عمل مستقبلية.
الاعتراف بالخطأ بعد تشخيصه وإعلان تحمل المسؤولية والوعد بالعلاج عناصر أولية رئيسة ومهمة عند الأزمات وتلجأ لها كبرى المؤسسات، إذ اعتذر المدير التنفيذي لسلسة مقاهي ستاربكس كيفن جونسون في نيسان (أبريل) الماضي عن الاعتقال «المشين» لرجلين من ذوي البشرة السوداء بدعوى واهية، وذلك فيما كانا ينتظران صديقا لهما في أحد فروع المقهى. وبعد أن أقال مدير فرع المقهى الذي جرت فيه الحادثة في فيلادلفيا، أعلن أن موظفي 175 ألف فرع لسلسلة مقاهي ستاربكس سيخضعون إلى تدريبات لتجنب تصرفات التمييز العنصري غير المقصودة.
الاعتذار ذاته قدمه باتريك دويل رئيس دومينوز بيتزا في الولايات المتحدة لمداراة فضيحة قيام موظفين في الشركة بتصوير أنفسهم وهم يدنسون المأكولات أثناء إعدادها في 2009، وقدمت اعتذارا مشابهاً أيضاً خطوط طيران «يونايتد» الأميركية حين تورط موظفون فيها بإهانة مسافرين وطردهم من الطائرة من دون وجه حق في وقت سابق من العام الحالي.
قد لا يجد كثيرون في تصريح تركي آل الشيخ ما يشفع لتحسين الصورة السلبية عن المنتخب، خصوصاً مع أداء إعلامي مرتبك لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور عادل عزت، عن محاسبة ثلاثة لاعبين وتحميلهم مسؤولية أكبر من غيرهم، ثم إصدار بيان إلحاقي لشرح تصريحاته التي شاهدها الناس على قناة «العربية» واستنكروها، وقد يرى البعض أيضاً في تغريدة آل الشيخ إرباكاً للاعبين الذين تنتظرهم مباراتان سيكفل الفوز فيهما مسح أي صورة سلبية سابقة، لكن الأكيد أن الاعتذار والشجاعة في تحمل المسؤولية والصدق في الحديث عن الأزمة قواعد أصيلة في العلاقات العامة وإدارة السمعة لحفظ ماء وجه المؤسسة وتعزيز ثقة الجماهير في أن تنهض وتتجاوز أزماتها.