نون والقلم

مكرم محمد أحمد يكتب: موازين القوى ضد «الإخوان»

لقد بات واضحاً، أن هدف جماعة الإخوان الأول، هو تدمير الجيش المصري، لأنها تعتقد في قرارة نفسها، أن الجيش الوطني هو الذي يمنع وصولها إلى السلطة، ويشكل عائقاً أساسياً لا بد من إزالته، ويساند الجيش الوطني، الأمن والشرطة والقضاء والصحافة والإعلام، وجميع مؤسسات الدولة المصرية، بما يجعل عودة «الإخوان» إلى الحكم حلماً مستحيلاً، يتطلب القضاء على الجيش ومؤسسات الدولة المصرية والمجتمع المدني، لا يمكن بلوغه من دون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وأظن أن حكم «الجماعة» الذي لم يستطع أن يستمر أكثر من عام، رغم سيطرتهم على كل مفاصل الدولة، يؤكد أن «الجماعة» لم يعد في مقدورها التشبث بهذا الحلم المستحيل، فإذا أضفنا إلى ذلك، أن موازين القوى لم تعد في صالح الجماعة، وأن دور قطر ممول الإرهاب الأول في الشرق الأوسط، يضعف ويجف ويكاد ينحسر، نحس ضعف آثاره المتزايدة في ليبيا وسوريا والعراق وقطاع غزة، فضلاً عما يحيق بإيران من ضغوط شديدة، تلزمها الانسحاب من سوريا، وتكريس جهدها الأكبر للدفاع عن أمنها الذي تهدده سياسات الرئيس ترامب الجديدة.

لقد أُتيح لإيران أكثر من فرصة كي تصحح علاقاتها مع العالم العربي، لكن طهران تتشبث بالنزعة الفارسية للسيطرة العنصرية على جيرانها العرب، والاستيلاء على أراضيهم، كما تشبثت بمبدأ تصدير الثورة، وجعلت كل همها إضعاف جيرانها العرب، واستخدام الأقليات الشيعية في هذه الدول، لتهديد أمنها الداخلي، استثمرت حزب الله اللبناني على أسوأ صورة، ودفعته للتدخل في الشأن الداخلي لعدد من الدول العربية، بينها العراق وسوريا ولبنان ومصر، وجعلت من الحوثيين موطئ قدم لها في اليمن، وسلحتهم بالصواريخ يقصفون بها الرياض وجدة ومكة، وتوسعت أطماعها الإقليمية، لتصبح قوة تهديد لجيرانها، وتعاظم دورها في سوريا، لتصبح المهيمنة على القرار والمستقبل السوري، ولا أظن أن إيران تملك بديلاً آخر سوى الرضوخ والانسحاب من سوريا، بعد أن أكدت روسيا بوضوح قاطع، أن على مختلف القوى الأجنبية في سوريا، عدا روسيا، أن تنسحب من الأراضي السورية!، ولا يجد الإنسان على لسانه ما يعبر به عن أسفه للموقف الإيراني، سوى المثل العربي القديم (على نفسها جنت براقش)، وقد ارتكبت براقش الفارسية، الكثير من الأخطاء في حق جيرانها العرب، وفي حق أشقائها المسلمين، وأظن أنها تستحق بالفعل ما تعانيه من ضغوط مذلة ومهينة!

والغريب في أمر من يطلبون المصالحة مع جماعة الإخوان، أنهم لا يسألون أنفسهم، إن كانت «الجماعة» قد راجعت بالفعل مواقفها وأفكارها ورؤاها، كما تفعل كل الجماعات السياسية، عقب الأحداث الجسام التي مرت بها، لتتعرف إلى أخطائها وإلى أسباب الإخفاق، لكن الجماعة لم تفعل شيئاً من ذلك، وبرغم الشروخ العديدة في بنية الجماعة التنظيمية، آثرت قيادات الجماعة، فرض الصمت على الجميع، بدعوى أن المراجعة يمكن أن تؤدي إلى تصدع التنظيم وتفكيكه.

ويغلق المرشد العام ومجلس إرشاد «الجماعة» وعصبة المتشددين داخلها، كل أبواب المراجعة، خوفاً من أن تؤدي المراجعة إلى انشقاقها وتفككها، خصوصاً أن تياراً مهماً ينمو داخل «الجماعة»، يدعو الآن إلى أن تقتصر مهمتها وواجباتها على الدعوة الإسلامية، دون الاشتغال بالعمل السياسي، وهى دعوة يرفضها خصوم «الجماعة» من المتشددين، الذين يرون أن الإسلام دين ودولة، يستحيل فيه الفصل بين السياسة والدين!

وتكشف عملية المراجعة التي قامت بها «الجماعة» في سجن العقرب، وحرض عليها قادتها، خاصة كرم زهدي وناجح إبراهيم، والتي أسفرت عن عدد مهم من الرسائل والكتب، راجعت فيها «الجماعة»، ليس فقط أفكارها واجتهاداتها النظرية، وإنما كل أفعالها وجرائمها، بما في ذلك دعاوى الحسبة، وقتل السياح الأجانب واغتيال الرئيس السادات، وسرقة محال الذهب، والهجوم على كنائس الأقباط، تكشف هذه المراجعات، عمق الخطأ الذي ارتكبته «الجماعة» بفهمها المبتسر لمعنى الدين، كما تكشف أهمية المراجعة في نقد فكر «الجماعة» وأخطائه، والتخلص من خطاياه، وأظن أنه بسبب هذه المراجعات، نجح 95 في المئة من أعضاء الجماعات الإسلامية في الخلاص من هذا الفكر المتطرف، وتمكنوا من الاندماج في حياة المجتمع، من دون أن يفكروا في العودة مرة أخرى إلى أفكار الإرهاب، باستثناء نسبة لم تتجاوز خمسة في المئة، ساعد عليها جماعة الإخوان عندما كانت في السلطة، وأغرت عاصم عبد الماجد عضو «الجماعة»، على أن يعود لأفكاره القديمة.

نقلا عن صحيفة البيان الإماراتية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى