هكذا يكون الرجال، وتكون المواقف وقت الشدائد بين الأشقاء، فالتآزر والتعاضد والمساندة والدعم عندنا ليست كلمات خاوية، بل هي حقيقة ثابتة يراها صاحب البصر والبصيرة.
اجتماع مكة المكرمة الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين لدعم الأردن قد يكون انتهى في ساعة متأخرة من مساء أمس، وقد تكون قراراته أعلنت على الملأ وعلم بها القاصي والداني، وقد تجدونها في الصفحة الأولى من هذه الصحيفة، وقد تعلن اليوم، ومع ذلك هي ليست مقصدي من الكتابة حول الموقف الثلاثي الخليجي من أزمة الأردن الشقيق، فالموقف بحد ذاته هو القصد، وهو الغاية التي نتلمسها بمشاعرنا قبل حواسنا.
الأردن ليس رقماً في الخريطة العربية، بل ركيزة من ركائز الأمة، سلامته تعني سلامتنا هنا في دول الخليج العربية، وأي ضرر يصيبه يلحق بنا، وهو الامتداد الطبيعي لحدودنا الشمالية، ولا يمكن أن يترك وحيداً ليواجه أزماته، فنحن لم نعتد على ذلك مع الذين يقفون معنا ويساندوننا في كل خطواتنا، وما دمنا قادرين على مد يد العون للشقيق، عندما يتعرض لظرف طارئ سنكون له العون والسند.
هكذا نحن، لم نترك العراق ولم نترك سوريا، ولم نترك اليمن، ولم نرفع أيدينا بالأمنيات لمصر أو السودان أو ليبيا، مثل تلك المواقف التي لا تقدم شيئاً تركناها لأمثال أردوغان، الذي تمنى أن يجتاز الأردن أزمته، وهي من شيم نظام قطر الإخواني الذي لا نستبعد تحريضه لجماعته في الأردن لإحداث الفوضى والاضطرابات، ودفع قناته الكاذبة نحو بث التقارير المصطنعة لإثارة الناس، فقد ظن التنظيم الإرهابي العميل أن الفرصة مواتية لإشعال فتنة جديدة في دولة حفظت استقرارها خلال مؤامراتهم الكبرى التي بدأت في 2011.
مبادرة الملك سلمان تقدم الصورة التي لم تفارق الكرام من أهل العزم، وقبل أن يتلاعب أحد في الشأن الأردني تنادى مع أخيه الشيخ محمد بن زايد لتدارك الأشقاء، ومعهم الشيخ صباح الأحمد، وبحضور الملك عبدالله الثاني، وكلنا واثقون بأن الأردن سيبدأ من بعد اجتماع مكة مرحلة جديدة تحفظ أمنه وتثبّت استقراره وتسعد شعبه، فهذه يد السعودية والإمارات والكويت تمتد كما عهدناها وقت الشدة للأخ قبل أن يسأل، فالمكارم تأتي من الكرام حباً ومودة، وقادتنا كانوا ولايزالون يضربون الأمثال في الوفاء للأشقاء.