أكاد أرى عدم الاكتراث في نفوس الجيل الأصغر مني حول ما يتعلق بموضوع القضية الفلسطينية والاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة أبدية لدولة الكيان الغاصب ونقل سفارتها للقدس في تحد سافر لمشاعر كل من يمتلك شيئا من ضمير، وأصاب بالدهشة من تغير المفاهيم لدى أبناء الجيل الجديد من هذه القضية المركزية عربياً ودينياً وإنسانياً!
نعم، في الكويت ما زال الكثيرون منا يتجرعون مرارة الموقف الرسمي الفلسطيني من غزو بلادنا في 1990، واهتزت حينها الكثير من مفاهيم القومية والوحدة العربية في نفوسنا، لا بل في نفوس الكثير من قادة تيار القوميين العرب الكويتيين ذاتهم، لكن ذلك الزمن ولى برجالاته، وظلم القيادة الرسمية الفلسطينية للكويت وقضيتها لا يجب أبدا أن ينعكس حقدا بين الشعبين يؤسس لحالة عدم الاكتراث بقضايا المقدسات الدينية والحقوق الإنسانية الأصيلة للشعب الفلسطيني.
لقد نجحت العولمة في نشر ثقافة اقتصادية لها من السلبيات ما لها ولا نملك في بلدنا الصغير غير المنتج للثقافة إلا التعاطي معها للأسف، ولكن الأثر الأسوأ للعولمة كان ولا يزال يتمثل في تمييع القيم والتخفيف من التزام الكثير من الشعوب بمنطلقاتها الأساسية نظرا لانخراطها في المنظومة الدولية بما يمليها عليه ذلك من تنازل عن خصوصياتها وما يميزها عن الآخرين، وهو ما نرى انعكاسه على التزام شعوب منطقتنا بمركزية القضية الفلسطينية وأساسيتها.
في ظل هذا التخاذل الدولي، لا نملك إلا التعبير عن فخرنا واعتزازنا بما تقوم به الديبلوماسية الكويتية بتوجيهات من صاحب السمو الأمير من تمسك بالقيم العربية والإنسانية الأصيلة في التصدي لمشاريع الكيان الإسرائيلي الغاصب في العديد من المحافل الدولية والتأكيد على التلاحم مع الشعب الفلسطيني الذي يكابد الأمرين تحت أبشع احتلال عرفه التاريخ الحديث وما زال يرزح تحت وطأة ظلمه وجوره منذ عقود.
إن القضية الفلسطينية ليست محل مساومة في نفوسنا، وليست محلا للمزايدة أو المتاجرة، وقبل ذلك وبعده، هي ليست ترفا أو أداة للتسلق السياسي وإن استغلها البعض من أجل ذلك، فهي قضية كرامة أيها السادة..
إنها تقريبا… كل ما تبقى لنا من زمن الطيبين!
أكاديمي كويتي
