محمد يوسف يكتب: ضربات موجعة
تعيش إيران في حالة رعب، فاتفاقها النووي أصبح ملغياً، والحوثي في اليمن تتوالى الهزائم على رأسه، والشعب في الداخل بدأ يواجه سلطة الملالي وسياساتهم المدمرة، وشعب العراق سحب تفويضه عن المتدثرين بغطاء الولي الفقيه، والقوائم الدولية السوداء، أصبحت أكثر سواداً بأسماء نصر الله وقادة حزبه العميل.
ومن بين كل تلك الأحداث، نجد العراق يتصدر الأجندة الإيرانية، فالانتخابات البرلمانية الأخيرة، صدمت خامنئي، فالرموز التي صنعت طوال خمس عشرة سنة، سقطت أو خسرت الأغلبية المؤيدة لها، وتصدر من يرفض التدخل الإيراني في الشأن العراقي، خاصة مقتدى الصدر والقوى المتحالفة معه، لهذا، كان قاسم سليماني في بغداد بعد إعلان النتائج بيوم واحد، ويقال إنه اجتمع بالمالكي والعامري، اللذين لا ينكران الولاء المطلق لطهران، ولا يستبعد أن يكون سليماني قد حمل رسائل تهديد لشخصيات كانت محسوبة على الإيرانيين في فترة ما، ومنها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، والزعيم الشيعي المستقل، مقتدى الصدر، وبالأمس، ظهرت نتائج تلك الزيارة، فقد اختلطت الأوراق في كل العراق، ورفض البرلمان القديم، أغلب نتائج الانتخابات، وقرر إعادة فرز الأصوات يدوياً في المناطق التي سقط فيها أعضاؤه، ولم يؤيد ذلك الإجراء حتى الآن، غير كتلة الحشد، التابعة لإيران، ويقودها سليماني منذ تأسيسها قبل أربع سنوات، ومعه أيضاً المالكي.
اكتشفت إيران، أن استقرار العراق يعيده إلى الصف العربي، فقررت أن تكرر لعبتها القديمة، وتعيد الفوضى لهذا البلد، وتمزق طوائفه وقومياته من جديد، فإعادة الانتخابات، يعني تغيير مراكز الكتل، وإحداث صراع سياسي، ليس مستبعداً أن يتحول إلى عسكري، فالكل في العراق، لديه مليشيات مسلحة، والاغتيالات التي تلت دخول الأميركان والإيرانيين، ما زالت عالقة في الأذهان، وسيكررها قاسم سليماني وحشوده وفيالقه، وإذا حدث ذلك، لن تطال الاغتيالات الصفوف الثانية أو الثالثة، بل ستوجه فوهات البنادق ورصاصات الغدر إلى صدور الرموز، التي قادت التوجه الجديد الرافض للوجود الإيراني، وتاريخ «الخمينية» في مجال الاغتيالات، ليس بحاجة إلى شهادات جديدة، وأثبتت كثير من الوقائع، أنهم لا يلتفتون كثيراً إلى الانتماء المذهبي، أو الولاء الطائفي، عندما تتعارض المواقف مع مصالحهم.
إيران لن تسكت بعد كل هذه الضربات الموجعة، ولن تقبل بخسارة العراق، الذي يمثل شريان الحياة لحلمها بالتوسع في المنطقة، وأملنا أن يتنبه قادة العراق إلى اللعبة الإيرانية، ويفوتوا عليها الفرصة.