نون والقلم

مرسي عطا الله يكتب: مانديلا‭ ‬وكلينتون‭ ‬ومونيكا‭!

من‭ ‬بين‭ ‬ألف‭ ‬صفحة‭ ‬فى‭ ‬مذكرات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬الأسبق‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬والتى‭ ‬سجلها‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان ‭«حياتى»‬ توقفت‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حوار‭ ‬دار‭ ‬بين‭ ‬كلينتون‭ ‬والزعيم‭ ‬والمناضل‭ ‬الإفريقي‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬الذي‭ ‬أمضى‭ ‬فى‭ ‬السجن‭27  ‬سنة‭ ‬متصلة‭ ‬فقد‭ ‬سأله‭ ‬كلينتون‭ ‬سؤالا‭ ‬مباشرا‭ :‬ «‬هل‭ ‬مازلت‭ ‬تحمل‭ ‬حقدا‭ ‬فى‭ ‬قلبك‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬سجنوك»..‭  ‬ ‬فكان‭ ‬الجواب‭ :‬« لقد‭ ‬عايشنى ‬هذا‭ ‬الحقد‭ ‬لحظات‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬راجعت‭ ‬نفسى‭ ‬وقلت‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬أبقونى‭ 27 ‬عاما‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الاعتقال‭ ‬فإذا‭ ‬استمر‭ ‬حقدى‭ ‬عليهم‭ ‬يغلبنى‭ ‬ويسيطر‭ ‬علي‭ ‬مشاعرى‭ ‬أكون‭ ‬ما‭ ‬أزال‭ ‬حقا‭ ‬أسيرهم‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬تنادينى‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أجعل‭ ‬الحقد‭ ‬ورائى».‬

وهذا‭ ‬الذى‭ ‬قاله‭ ‬مانديلا‭ ‬درس‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬فليس‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬ينطبق‭ ‬علي‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬التى ‬تخطىء‭ ‬حينما‭ ‬تستنفذ‭ ‬كل‭ ‬طاقتها‭ ‬وقدراتها‭ ‬في‭ ‬جلد‭ ‬النفس‭ ‬والذات‭ ‬حول‭ ‬ماضيها‭.‬
والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬مقولة‭ ‬مانديلا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬رواية‭ ‬فى‭ ‬سطور‭ ‬كتاب‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬درس‭ ‬ونصيحة‭ ‬لمن‭ ‬يعملون‭ ‬بالسياسة‭ ‬بأن‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتطهروا‭ ‬من‭ ‬نوازعهم‭ ‬الشخصية‭ ‬لأن‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬علم‭ ‬له‭ ‬قواعد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬الناس‭ ‬وتأمين‭ ‬مصالحهم‭ ‬واحترام‭ ‬حقوقهم‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬وقوانين‭ ‬وأنظمة‭ ‬تصنع‭ ‬الاستقرار‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬تجردا‭ ‬تاما‭ ‬من‭ ‬مرارات‭ ‬الماضى‭.‬
في‭ ‬نصيحة‭ ‬مانديلا‭ ‬تتجسد‭ ‬المعانى ‬والمبادىء‭ ‬والأخلاق‭ ‬النبيلة‭ ‬بشأن‭ ‬أهمية‭ ‬امتلاك‭ ‬الرجل‭ ‬السياسي‭ ‬لفضيلة‭ ‬التسامح‭.. ‬وقد‭ ‬أخذ‭ ‬كلينتون‭ ‬بنصيحة‭ ‬مانديلا‭ ‬عندما‭ ‬أراد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عقدة‭ ‬ماضيه‭ ‬مع‭ ‬المتدربة‭ «‬مونيكا‭ ‬لونسكى» ‬واستعان‭ ‬بثلاثة‭ ‬قسس‭ ‬من‭ ‬الكنيسة‭ ‬لإخراجه‭ ‬من‭ ‬أعقد‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬وعائلية‭ ‬واجهته‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬بروشتة‭ ‬اسمها‭ ‬إحلال‭ ‬قوة‭ ‬الروح‭ ‬محل‭ ‬غريزة‭ ‬الشهوة‭!‬
نقلا عن صحيفة الأهرام

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى