نون والقلم

د. عمرو عبد السميع يكتب: أمريكا والبغدادى داعش

لافتة للنظر تلك التغريدة التى أطلقها الرئيس الأمريكى المغرد دونالد ترامب منذ أيام مشيرة إلى نجاح ما تبقى من قوات التحالف سواء فى العراق أو سوريا وتعاونها مع تركيا وقوات سوريا الديمقراطية الكردية فى شرق الفرات، فى إلقاء القبض على خمسة من قادة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، هم الأقرب لزعيم ذلك التنظيم أبو العيثاوى (أبو زيد العراقي) نائب البغدادى والمسئول عن الشئون المالية والدينية والأمنية فى التنظيم، واعتبر الرئيس المغرد ترامب ومسئولو إدارته أن القبض على العيثاوى بالذات ـ يعنى الاقتراب من الإمساك بخناق البغدادي.. لكن الرئيس الأمريكى نسى ربما من جراء تأثيرات السن ـ أنه نفسه هو صناعة أمريكية وأن منافسته فى الانتخابات الرئاسية هيلارى كلينتون (الديمقراطية) لعبت أدوارا مؤثرة فى تفعيل بناء ذلك التنظيم.. فهل يريد ترامب إقناعنا بأنه يصحح أخطاء الديمقراطيين؟، لا أظنه يفلح فى ذلك لأن الجهة الرئيسية التى أطلقت تنظيم داعش هى المخابرات المركزية الأمريكية (ولفترة محدودة ولغرض محدود) وهى جهة لا تعرف ذلك السجال السياسى المتواصل والتقليدى بين (الجمهوريين) و(الديمقراطيين) فضلا عن أن ترامب لا يستطيع الادعاء بأنه يمثل كل الجمهوريين، ثم إذا كان ضد داعش (الإرهابية المجرمة) فلماذا لا ينتهج نفس الموقف تجاه كل التنظيمات الإرهابية الأخرى التى تعج بها سوريا؟.. هو ـ فقط ـ يريد إخفاء معالم الجريمة الأمريكية وتورط واشنطن فى إنشاء داعش كما أنشأت من قبل تنظيم القاعدة لمواجهة السوفيت فى أفغانستان، ولأن طبيعة الثقافة العملياتية للتنظيمات الإرهابية تتيح ـ فى أحيان كثيرة ـ انقلاب تلك التنظيمات على منشئيها (وقد أثبت ذلك درس القاعدة) فقد عمدت الولايات المتحدة إلى تصفية أهم قدرات داعش قبل أن تعلن رحيلها عن المنطقة إن كانت سترحل، وأهم عناصر تلك القدرات الداعشية هى القيادات وإزالة أثرها، ولعل المطاردة الأخيرة للبغدادى لها نفس ذلك المعنى، وهو بالطبع غير معنى الحشد التعبوى والمعنوى الذى أشاعه الرئيس المغرد ترامب مؤخرا.

نقلا عن  صحيفة الأهرام 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى