بصرف النظر عما جرى داميا ومفجعا فى كبرى مسيرات العودة يوم الاثنين الماضى ومع عظيم الأسف وعمق المرارة لهمجية استخدام القوة المفرطة من جانب الإسرائيليين ضد المتظاهرين السلميين فإن مسيرات العودة ستكون نقطة تحول بالغة الأهمية فى مسار القضية الفلسطينية التى اكتسبت مجددا تأييدا دوليا يعنى إمكانية حدوث تغيير فى بوصلة الاهتمام الدولى بالقضية بعد المسيرات عما كان عليه الوضع قبلها.
والحقيقة إن مسيرات العودة بطابعها السلمى جاءت فى حكم المفاجأة للكثيرين وبدت كأنها شيء من مخبآت القدر التى لم ترد فى حسابات أحد، خصوصا لدى إسرائيل وأمريكا حيث كان احتفالهما معا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فى ذات التوقيت مضرجا بدماء الشهداء وآهات الجرحى الفلسطينيين الذين قالوا لا لكل ممارسات التجبر العسكرى والسياسى بآليات القوة والضغط والإكراه لفرض الأمر الواقع!
لقد أعادت المسيرات نبرة أصوات الحق لتدوى عالية ومسموعة فى معظم أرجاء العالم بأن ما أقدمت عليه أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس إجراء باطل وأن ما لجأت إليه إسرائيل لقتل المتظاهرين السلميين بوحشية وبدم بارد سلوك عدوانى همجى يستوجب تحقيقا دوليا لإنزال العقاب المشروع بمن ارتكبوا هذه المجازر الوحشية.
وإذا كانت هناك بعض الأصوات فى واشنطن تقول بأن نقل السفارة لم يغير من الوضع القائم فى القدس شيئا، وأن ذلك كان سيحدث يوما خلال قادم الأيام تفعيلا لقرار قديم أقره الكونجرس الأمريكى منذ نحو عشرين عاما فإن السؤال الضرورى هو: هل كان ذلك التوقيت هو الموعد الأمثل لنقل السفارة؟
وجوابى هو: إن الفلسطينيين مدينون بالشكر لإدارة ترامب التى أعادت إحياء قضيتهم بعد أن كاد اليأس أن يسد عليهم كل السبل وينزع عنهم الثقة فى جدوى النهج السلمى للمواجهة خصوصا وأن الأوضاع الإقليمية والدولية كانت تدفع بهم دفعا للابتعاد عن عقيدة الصبر والانتظار التى ملوا منها على مدى 70 عاما.
هكذا تطورت الأحداث وتلاحقت ردود الفعل.. ورب ضارة نافعة!