سعت أوروبا وإيران لتشكيل جبهة موحدة اليوم الثلاثاء، لإنقاذ الاتفاق النووي الذي تخلى عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي وحذرت بريطانيا من تغيير النظام وعبرت طهران عن أملها في الحفاظ على المزايا الاقتصادية للاتفاق.
ووصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بروكسل قبيل اجتماع مع نظرائه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، وأجرى محادثات «جيدة وبناءة» مع فيديريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.
وقال ظريف «نحن على المسار الصحيح لضمان الحفاظ على مصالح الدول التي لا تزال موقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، خاصة إيران… محادثاتنا مع الدول الثلاث ستستمر في الأسبوعين المقبلين» مشيرا إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وشكك الكثير من الدبلوماسيين الأوروبيين في أحاديثهم الخاصة في إمكانية الحفاظ على الاتفاق المبرم عام 2015 بين إيران وست من القوى العالمية بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية الذي أمر به ترامب لكن القوى الأوروبية تقول إنها ملتزمة بشروط اتفاق عام 2015 الذي يرفع العقوبات عن إيران في مقابل إنهاء طموحاتها النووية.
وطلب الرئيس الإيراني حسن روحاني من الاتحاد الأوروبي الوقوف في وجه التصرفات الأمريكية «غير المشروعة وغير المنطقية» قائلا إن طهران يمكنها البقاء في الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه فقط إذا استفادت منه بالكامل.
ورفع الاتفاق العقوبات الدولية عن إيران في عام 2016 في مقابل أن تعلق إيران قدراتها على تخزين اليورانيوم المخصب، الذي قد يمكنها من إنتاج قنبلة ذرية، تحت إشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانتقد ترامب الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما باعتباره «اتفاقا مروعا أحاديا ما كان يتعين على الإطلاق إبرامه» إذ أنه لا يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو دور طهران في صراعات في الشرق الأوسط.
ويقول مؤيدو الاتفاق إنه مهم للحيلولة دون امتلاك إيران لسلاح نووي ولمنع نشوب حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.
وفي فيينا، قالت موجيريني التي رأست، بصفتها مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، المرحلة الأخيرة من المفاوضات التي استمرت 12 عاما لإبرام الاتفاق في يوليو تموز 2015 «سننقذه سويا».
وقال ظريف إن المحادثات ستستمر لمدة أسبوعين وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إنهم يحتاجون لبعض الوقت لفهم الموقف الأمريكي.
وأقر مسؤول فرنسي بارز بأن بلاده تشعر بالقلق من التحول في فكر واشنطن منذ تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي الأمريكي وقال «من الأسئلة التي يتعين علينا طرحها على الأمريكيين هو ما إذا كان هدفهم النهائي هو حمل الإيرانيين على التخلي عن برنامجهم النووي أم تغيير النظام».
وردد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون تصريحات مماثلة وقال للبرلمان إن تغيير النظام في إيران ليس سياسية يتعين على بريطانيا اتباعها.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يريد إبرام اتفاق أوسع نطاقا بعد انسحاب الولايات المتحدة يرتكز على أربعة دعائم هي تقليص برنامج إيران النووي على المدى القصير، وأيضا على المدى الطويل، وتحجيم برنامجها للصواريخ الباليستية، وتقييد ما يراه الغرب سلوكا يزعزع الاستقرار في سوريا واليمن والعراق ولبنان.
معضلة العقوبات
يقر دبلوماسيون أوروبيون بأن الدعم الأوروبي، مهما كانت جديته، قد يبدو فارغا بعد أن قرر ترامب الأسبوع الماضي إعادة فرض نطاق واسع من العقوبات على الجمهورية الإسلامية والتي ستضر بالشركات الأوروبية العاملة في إيران.
لكن ما زال الاتحاد الأوروبي، الذي وقع على الاتفاق النووي الإيراني مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، يملك خطوات يمكنه اتخاذها لحماية الشركات الأوروبية في إيران.
وتشمل هذه الخطوات فرض عقوبات انتقامية والسماح لبنك الاستثمار الأوروبي بالاستثمار المباشر في إيران وتنسيق فتح خطوط ائتمان مقومة باليورو من الحكومات الأوروبية. وفي الماضي كان الاتحاد الأوروبي يرفع شكاوي لدى منظمة التجارة العالمية.
لكن انتشار النظام المالي الأمريكي وهيمنة الدولار الأمريكي وجهود ترامب لإضعاف منظمة التجارة العالمية ووجود أعمال للشركات الأوروبية في الولايات المتحدة كلها عوامل تضعف أي إجراءات قد يتخذها الاتحاد الأوروبي.
وقال دبلوماسي أوروبي بارز «سيكون من الصعب للغاية علينا الحفاظ على المزايا الاقتصادية للاتفاق الإيراني». وأضاف «سنحاول الالتزام بجانبنا من الاتفاق».
وفي أعقاب محادثات اليوم الثلاثاء، في بروكسل، من المتوقع أن يبحث زعماء دول الاتحاد وعددها 28 دولة خطوتهم التالية في قمة مقررة في صوفيا يوم الأربعاء لكن ليس من المتوقع صدور قرارات.
ويمكنهم أن يبحثوا عقوبات انتقامية باستخدام سياسة للاتحاد تمنع أي شركة من شركات الدول الأعضاء من الالتزام بالعقوبات الأمريكية ولا تعترف بأي أحكام تفرض عقوبات أمريكية.
لكن هذه الإجراءات لم تستخدم من قبل وقد يكون من الصعب تنفيذها وقد تواجه شركات الاتحاد إجراءات مصادرة وتغريم وربما اتهامات جنائية في الولايات المتحدة. وقال دبلوماسي أوروبي آخر «دعونا لا نخدع أنفسنا بقول أن هناك عشرات الأشياء التي يمكننا عملها» وأضاف «ليس لدينا الكثير الذي نهدد به الأمريكيين».