وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قرار الرئيس الأميكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، في ظل معارضة حلفائنا الأوروبيين ودون وجود استراتيجية واضحة تحل محل هذا الاتفاق، بـ «المتهور والانهزامي».
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء، إن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران قبل ثلاث سنوات لم يكن مثاليا.
وأضافت الصحيفة إن ترامب قد أنشأ بهذا القرار صدعا مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهي الدول الشريكة في الاتفاق إضافة إلى روسيا والصين كما منح النظام الإيراني فرصا لاستغلال الوضع لصالحها.
وأضافت أن الشيء الذي لم يعترف به ترامب في خطابه هو أن المفتشين الدوليين إضافة إلى كبار مسئولي إدارته قد أكدوا أن إيران تمتثل للاتفاق والذي كان سببا في خفض الكثير من مخزونها من اليورانيوم المخصب وجعل من الصعوبة بمكان بالنسبة للنظام أن يطور أسلحة نووية خلال العقد القادم، مشيرة إلى أن الرئيس تمسك باحتمال أن إبرام “اتفاق جديد ومستدام” يغطي ليس فقط المسألة النووية وإنما أيضا تطوير إيران لصواريخ فضلا عن تدخلها في الحروب الناشبة في الشرق الأوسط. غير أنه لم يقدم خريطة طريق لتحقيق هذا الهدف الطموح.
وأشارت (واشنطن بوست) إلى أن أولى عواقب قرار ترامب يمكن أن تكون نشوب صراع مع الأوروبيين، وإن نظام العقوبات الذي أعاد ترامب فرضه يسعى إلى إجبار الدول الأخرى على خفض مشترياتها من النفط والحد من الأعمال الأخرى مع إيران ويهدد بفرض عقوبات عليها في حال عدم قيامها بذلك.
وأضافت أن الحكومات الأوروبية التي قالت إنها لن تتخلى عن الاتفاق النووي ربما تحارب أي محاولة أمريكية لفرض قيود، وبعدما سعت تلك الدول وباءت محاولاتها بالفشل في إرضاء اعتراضات ترامب على الاتفاق دون أن يتم خرقه، فبات من غير المرجح أن تكون تلك الدول راغبة في التعاون في محاولة أمريكية جديدة لسحق الاقتصاد الإيراني.
ونوهت الصحيفة بأن إيران والحكومات الأوروبية قد تتفق على استمرار الاتفاقية في تحد لواشنطن، غير أن الجهاز الأمني والعسكري المتشدد في إيران، الذي طالما عارض الاتفاق، سيضغط باتجاه استئناف تخصيب اليورانيوم وتقييد التفتيش أو ربما السباق من أجل الحصول على القنبلة.
وتساءلت الصحيفة كيف يمكن لترامب أن يوقف مثل هذا الوضع المتفجر؟ وأوضحت أن أحد أسباب إبرام الاتفاق النووي هو أن إدارتي جورج بوش وباراك أوباما خلصتا إلى أن اللجوء للخيار العسكري أمر محفوف بالمخاطر وهو وسيلة غير مؤكدة للحيلولة دون حصول طهران على قنبلة نووية.
واختتمت الصحيفة الأمريكية قائلة إن قرار ترامب قد يلغي فترة السماح الممنوحة لإيران والتي تتراوح بين 10 و15 عاما، وفي الوقت ذاته لم يفعل شيئا لوقف الاعتداء الإيراني الجاري في سوريا واليمن، وربما يأمل الإسرائيليون في أن قرار ترامب سيعيد الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط عبر مواجهة مع إيران، كما أن ترامب قال مرارا إنه لا يرغب في نشوب المزيد من الحروب في الشرق الأوسط، إلا أن قراره جعل من نشوبها أمر أكثر احتمالية.