بعد صمت طويل رافق مسيرة قناة “العرب” السعودية، التي توقفت بعد أن انطلقت لساعات قليلة بالبحرين في فبراير/شباط الماضي، خرجت تسريبات إعلامية يونانية في مارس/آذار الماضي، تقول إن القناة ستنطلق من قبرص.
ونقلت وسائل إعلامية يونانية وقتها عن مسؤولين في قناة “العرب”، أن اجتماعات تمت في أثينا أثمرت عن إقناع الجانب اليوناني باحتضان القناة التي يملكها الأمير الوليد بن طلال.
وأضافت المصادر آنذاك أن هناك مبنى مجهزاً بكل معداته وستديوهاته، يتبع شركة إعلامية عربية قديمة، وأن المفاوضات وصلت إلى مرحلتها الأخيرة، ثم عاد الصمت يلف قضية القناة.
الجديد في القضية كشفته مصادر عاملة من داخل القناة لـ”الخليج أونلاين”، بالقول إن الموظفين بدؤوا بالانتقال فعلياً إلى قبرص اليونانية من أجل الترتيب لإعادة البث.
وقالت المصادر: “حصلت قناة العرب على تأشيرات عمل لموظفيها من السوريين والعراقيين المقيمين حالياً في البحرين (مقر البث الأول)، ومن المتوقع أن يتوجهوا قريباً إلى قبرص اليونانية وتحديداً في مدينة لارنكا”.
وتابعت المصادر التي وصفت هذه المعلومات بالحديثة بأنه “يتم العمل على تجهيز المقر فنياً. من المتوقع أن يتبع السوريون والعراقيون حملة الجوازات الأخرى كاللبنانيين والمصريين والأردنيين”.
وبينت أن فهد السكيت، المدير التنفيذي لقناة العرب، وسلطانة الرويلي، وهي مديرة شؤون الموظفين بالقناة، وكلاهما سعودي الجنسية، يوجدان الآن في قبرص.
– إعادة البث
ولفت المصدر العامل داخل القناة، أن مدير قناة العرب، جمال خاشقجي، يردد دائماً أن “إعادة البث ستتم خلال أسابيع”، إلا أن تجربة القناة تجعل الحديث عن أي مواعيد قولاً يعكس التفاؤل أكثر من الواقع، وفق تعبيره.
وعن النقاشات السابقة حول بث القناة من إسطنبول، تحدث المصدر عن “محاولات سابقة حثيثية لإعادة البث من تركيا، إلا أن أنقرة رفضت منح تراخيص ذلك خشية على العلاقات بين السعودية وتركيا”.
وشهدت تركيا زيارات عدة للأمير السعودي الوليد بن طلال ومدير القناة جمال خاشقجي، في الآونة الأخيرة، وتوقعت مصادر أنهما كانا يبحثان إعادة بث القناة.
وأسدل الستار على قضية إعادة فتح قناة “العرب” المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، في مملكة البحرين، بعد أن قطعت السلطات البحرينية، في 9 فبراير/ شباط 2015، رسمياً، كل الآمال بإعادة بثها.
وبررت هيئة شؤون الإعلام توقيف نشاط القناة آنذاك، بدعوى “عدم حصولها على التراخيص اللازمة قبل ممارسة عملها في مملكة البحرين”.
وكان مصدر مقرب من القناة قال، في فبراير/شباط الماضي: إن “إعادة بثها من البحرين باتت شبه مستحيلة”. وبين المصدر لـ”الخليج أونلاين”، وقتها أن “الأولوية لدى إدارة القناة الآن هي تسوية أمور الموظفين، خاصة مع احتمال إلغاء البحرين لإقامات موظفي القناة”.
– قيد الكتمان
وامتدت سنوات العمل على انطلاق قناة “العرب” من المنامة ما يقارب خمسة أعوام، حيث كانت الفكرة بداية أن تنطلق من دبي لأسباب لعل أهمها الأجواء الانفتاحية الكبيرة التي تعيشها الإمارة الخليجية الثرية، قبل أن يقرر نقلها نهائياً إلى المنامة عقب اندلاع تظاهرات 2011 التي قادتها تنظيمات شيعية بحرينية ضد الحكم في البحرين.
وكان جمال خاشقجي، مدير عام قناة “العرب”، قال في تصريح سابق لموقع “الخليج أونلاين”: إن “موضوع القناة قيد الكتمان لحين حصول تطورات”.
الوليد بن طلال، الأمير الملياردير، لم يسعفه نفوذه الواسع لإبقاء قناته الناشئة تبث دورة برامجية كاملة ليوم واحد، ولم يدل هو وجمال خاشقجي بأية تصريحات على حسابيهما الرسميين على موقع تويتر منذ الإعلان عن توقف بث القناة، وشرع خاشقجي بنشر أخبار من صحف سعودية بدل نشر أخبار من موقع قناته على ما جرت عادته قبيل يوم من إطلاق القناة.
ومن اللافت أن خاشقجي ما يزال يضع صورة قناة العرب على صورة الحائط الخاصة بحسابه على “تويتر”، في دلالة -ربما- على إعادة ولادة القناة الموءودة مبكراً، بعد 5 سنوات من العمل والتحضير.
واستضافت النشرة الإخبارية الأولى، أمين عام جمعية الوفاق المعارض البحريني خليل المرزوق؛ للتعليق على قرار سحب جنسيات مواطنين بحرينيين، أعقبه تعليق من وزير الإعلام البحريني على القرار والرد على المعارضة.
– هل للسعودية دور؟
وقالت مصادر “الخليج أونلاين”: إن “السبب وراء الإغلاق الاستياء من القناة؛ ليس فقط من البحرين وإنما أصلاً من السعودية؛ خصوصاً أنها عالجت ملفات غير استضافة المعارض، فكان هناك برنامج يتحدث عن مديونية المواطنين السعوديين العالية من البنوك، وهذه الصورة تسيء للمملكة والحكم وتسبب مصدر استياء لها”.
في حين قال محلل إعلامي خليجي لـ”الخليج أونلاين”: إن “القرار سعودي لكن بأيدٍ بحرينية؛ فالمملكة لها اليد الطولى، ولا يستطيع البحرينيون سياسياً ولا من خلال موقعهم في مجلس التعاون وعلاقتهم بالسعودية أن يأخذوا قراراً بعكس رغبة السعودية أو معاكساً لها”.
وليس خافياً أن الحكم الجديد في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز أسس لبنية جديدة في سلطته؛ فأجرى تعديلات وزارية كبرى وأزال نافذين كباراً، على رأسهم رئيس الديوان الملكي المعزول، خالد التويجري، المقرب من حكومة البحرين، ومن مالك القناة الأمير الوليد بن طلال أيضاً.