في خطوة استفزازية تذكّر باقتحام آريئيل شارون الأول للمسجد الأقصى، يقوم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الأربعاء بجولة ميدانية في “النقاط الحساسة” أمنياً بالقدس المحتلة وخاصة داخل البلدة القديمة حيث تدور المواجهات، هذا إلى جانب اتخاذه جملة من القرارات التي سيكون لها أبعاد وتأثير على الوضع في المدينة، وهي كفيلة بأن تزيد مستوى التصعيد وحدّة المواجهة.
ففي اجتماع طارئ أجري مساء الثلاثاء بمشاركة نتنياهو ووزيرة القضاء، آيليت شاكيد، ووزير الجيش، موشيه يعالون، اتخذت جملة من القرارات التي سيتم بلورتها في اجتماع لاحق لتدخل حيز التطبيق خلال وقت قريب. ومن ضمن هذه القرارات كان دراسة منح الشرطة وجيش الاحتلال تسهيلات تتيح لهم إطلاق النار على راشقي الحجارة وقتلهم، الأمر الذي سيؤدي لعمليات قتل وإصابات بشكل يومي بين الفلسطينيين من كل الأعمار. إلى جانب تحديد حد أدنى لعقوبة السجن الفعلي قد تبدأ من 10 سنوات لكل من يرمي حجراً أو زجاجة حارقة.
إلى جانب ذلك، قررت اللجنة محاربة راشقي الحجارة من الأطفال أيضاً عن طريق فرض غرامات مالية باهظة على أهاليهم، كأسلوب ردع يمس العائلة الفلسطينية اقتصادياً بشكل كبير، ويضر بالعلاقات بين أفرادها. كما تقرر إغلاق المسجد أمام الشباب ليلاً منعاً لرباطهم فيه واستعدادهم لمواجهات اليوم التالي، كما أمر بنصب أجهزة تفتيش إلكترونية على أبواب الحرم المقدسي، بعد أن كانت هذه الأجهزة موجودة فقط عند باب المغاربة وفي المدخل لحائط البراق، وهو ما تعترض عليه الأوقاف الأردنية بشدة.
وبحسب ما اطّلع عليه “الخليج أونلاين” في الصحف العبرية فإن وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، الذي حضر اجتماع الأربعاء قدّم مقترحاً لضمان تشديد العقوبات على راشقي الحجارة؛ عن طريق منع ترقية القضاة الذين يحكمون على راشقي الحجارة بأحكام “متساهلة” على حد تعبيره؛ ممّا يدل على محاولة تدّخل واضحة في عمل القضاء وانتهاك لمبدأ “فصل السلطات” الذي تدعي دولة الاحتلال تبنّيه.
– حملة تحريض رسمية وإعلامية
وإلى جانب الخطوات الفعلية المنوي تطبيقها لقمع الانتفاضة المقدسية الوليدة وللقضاء على الحجر، السلاح التقليدي للفلسطينيين، شنّت وسائل الإعلام العبرية والشخصيات الرسمية حملة تحريضية شرسة تصف راشقي الحجارة في المواجهات بالقتلة والمجرمين.
ففي حسابه الرسمي على صفحة فيسبوك، قال وزير الأمن الداخلي لدولة الاحتلال، جلعاد أردان: إن “راشقي الحجارة هم قتلة بكل معنى الكلمة”، ووصف رمي الحجارة بأنه “ظاهرة قاتلة لن يسمح باستمرارها”، كما لن يسمح أيضاً بإطلاق سراح راشقي الحجارة بكفالة أو بفرض خدمة الجمهور عليهم فحسب.
وانضم إلى الحملة التحريضية رئيس بلدية الاحتلال في مدينة القدس، نير بركات، الذي وصف بدوره رشق الحجارة، عبر صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، بأنه “تفجير”، ودعا لإنزال عقوبات رادعة بكل من يقبض عليه يلقي حجراً، وفرض عقوبة السجن الفعلي لسنوات طويلة عليهم.
أما على الصعيد الإعلامي فقد خصصت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية وموقعها الإلكتروني “واي نت” زاوية خاصة وعناوين بارزة لتغطية أحداث القدس، وسمّت الأحداث بـ”إرهاب الحجارة”. وتأتي هذه الخطوة بهدف خلق صورة ذهنية عند الرأي العام تربط الحجر بالإرهاب والقتل، وتنزع عنه صفة كونه أداة مقاومة مشروعة يستخدمها الفلسطينيون منذ عقود.