إذا كان من المفترض أن الحكومة المصرية سوف تقدم اعتذارا ملائما للحكومة المكسيكية بشأن حادثة قتل وجرح مجموعة من السائحين المكسيكيين بطريق الخطأ فى الصحراء الغربية هذا الأسبوع، فإن من الواجب أيضا أن يكون التحقيق الذى يجرى فى الحادث دقيقا وشاملا وسريعا، يكشف بشجاعة وتجرد ملابسات الحادث، والأخطاء التى أدت إلى وقوعه على هذا النحو المأساوى.ففى تلك الحالات ــ ونحن فى عالم مفتوح كما لم يحدث من قبل ــ ليس هناك بديل سوى تقديم الحقائق كاملة.إننى لا أستطيع كمواطن، واستنادا إلى ما قرأته عن الحادث، أن أجزم بإدانة هذا الطرف أو ذاك، ولكن الثابت هو أن السائحين دخلوا إلى منطقة خطرة تتعقب فيها قوات الجيش والشرطة عناصر إرهابية وتكفيرية. هنا يبرز التساؤل بشأن أمرين هامين، أولهما مسئولية شركات السياحة والإرشاد السياحى التى تورطت فى إرسال السائحين إلى مناطق خطرة، وثانيهما ما إذا كانت الجهات المعنية (الشرطة والجيش) قد ارسلت تحذيرات واضحة لمن يعنيهم الأمر بحظر الذهاب إلى تلك المناطق، وهو ما يثير مسألة التنسيق الدائم و الكفء بين جهات الأمن وشركات السياحة.
إننى أعتقد ان التهاون فى توضيح تلك الحقائق بشجاعة وتجرد سوف تكون نتائجه وخيمة على السياحة المصرية، ودعنا من التصريحات الخفيفة مثل تلك التى قرأتها منسوبة لأحد مسئولى التنشيط السياحى المحليين بأن السياحة لم تتأثر بالحادث استنادا لعدم إلغاء الحجوزات بفنادق الوادى الجديد. لا يا أستاذ، المسألة أهم وأعقد من ذلك، ويجب التعامل الجاد مع آثارها الدولية بسرعة وكفاءة! تبقى ملاحظة خطرت على بالى، وهى أن المكسيك بالذات من بين بلدان أمريكا اللاتينية لها علاقاتها الخاصة القديمة بمصر، والتى ربما كان من أكثر وقائعها إثارة إرسال الخديو إسماعيل لوحدة عسكرية مصرية ــ سودانية أورطة إلى المكسيك مكونة من 453 فردا لدعم فرنسا فى حربها ضد الثورة هناك، وقد عادت تلك الوحدة بعد أربع سنوات أبلت فيها بلاء حسنا وفقدت على أرض المكسيك 140 فردا مات منهم 46 متأثرين بأمراض معدية! مرة أخرى أكرر الاعتذار للشعب المكسيكى وأقدم خالص العزاء لأسر الضحايا الذين فقدوا أرواحهم على أرض مصر!