بدأ وزير الخارجية الأمريكية الجديد مايك بومبيو رئيس المخابرات المركزية السابق نشاطه الجديد بدعوة المجتمع الدولى إلى إقرار سلسلة من العقوبات الجديدة على إيران بسبب برنامج تطوير صواريخها البالستية الذى يُشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وقد وصل الوزير الأمريكى إلى الرياض فى بداية رحلة يزور فيها الأردن وإسرائيل، وقال متحدث أمريكى نحن ندعو دول العالم إلى فرض عقوبات جديدة على إيران تشمل أفرادا ومؤسسات إيرانية لها صلة وثيقة ببرنامج إيران لتصنيع صواريخ بالستية الذى أصبح مصدر تهديد حقيقيا لأمن الشرق الأوسط، حيث تمتلك طهران أضخم ترسانة صواريخ فى المنطقة تهدد أمن الشرق الأوسط واقتصادياته، وتضرب الرياض عاصمة السعودية كما تُهدد أمن إسرائيل.
وكانت الرياض قد أسقطت السبت الماضى أربعة صواريخ إيرانية الصنع أطلقها الحوثيون من داخل حدود اليمن فى عملية استفزازية تواصلت على مدى الشهور الأخيرة، ولا يعرف بعد إن كانت الحملة الأمريكية ضد صواريخ إيران البالستية لها علاقة مباشرة بالرؤية الأوروبية التى تعتقد أن إنجاز اتفاق جديد مع طهران يتعلق بصواريخ إيران يُشكل ملحقاً للاتفاق النووى الذى وقعته طهران مع إيران وست دول أوروبية على عهد الرئيس أوباما، يمكن أن يلبى مطالب الرئيس الأمريكى ترامب بدلاً من تصميمه على إلغاء الاتفاق النووى الذى جرى توقيعه عام 2015، ولا تزال الدول الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) تعتقد بضرورة استمراره مع بذل المزيد من الجهد لتعديل بعض بنوده بدلاً من إلغائه الذى يمكن أن يُكبد أوروبا خسائر ضخمة، والمعروف أن الرئيس الأمريكى ترامب سيصدر قراره بشأن مصير الاتفاق النووى الإيرانى فى 12 مايو المقبل، والمعروف أيضاً أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يتحمس لفكرة إنشاء ملحق جديد يخاطب مشكلات برنامج الصواريخ الإيرانية ومشكلات أخرى بدلاً من تدمير الاتفاق النووى الإيرانى.
لكن الواضح أن الحملة الأمريكية على صواريخ إيران البالستية تزداد حدة مع اقتراب الرئيس الأمريكى من موعد 12 مايو الذى سيُقرر فيه ترامب مصير الاتفاق النووى الإيرانى بما يُشير إلى احتمال أن يكون الرئيس الأمريكى قد قبل بالفعل اقتراح الرئيس الفرنسى بإمكانية أن يكون هناك ملحق للاتفاق النووى الإيرانى يُغنى عن تمزيق الاتفاق ومضاعفاته المحتملة إذا أصر الأوروبيون وباقى الدول الموقعة على الإبقاء علي الاتفاق، وفى جميع الأحوال فإن المهم لدى الرئيس ترامب توقيع العقوبات على طهران وإضعاف موقفها الاقتصادى وربما لهذا السبب رأى ضرورة استثمار قضية الصواريخ البالستية فى توقيع المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران.
لكن الواضح أن رحلة وزير الخارجية الأمريكية إلى الرياض تضع أيضاً على رأس أهدافها محاولة تليين موقف السعودية من أزمة قطر, بدعوى أن الأزمة تفيد إيران بأكثر مما تضُر بمصالح قطر، ومن الضرورى الحفاظ على منظمة التعاون الخليجى, والتقدم خطوة أبعد من مجرد إشراك قطر فى مناورات درع الخليج، وربما يكون ضمن أهداف وزير الخارجية الأمريكية أيضا إقناع الرياض بالتخلى عن مشروع هدم حاجز سلوى لتحويل قطر إلى مجرد جزيرة بعد هدم الممر الأرضى الذى يربطها بالسعودية، ولا يعرف بعد إن كان المشروع الأمريكى للمصالحة مع قطر ودول الخليج ينطوى على إلزام قطر على نحو مؤكد بوقف تمويل جميع جماعات الإرهاب وقطع علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين والامتناع عن إعطاء قيادات الإرهاب ملاذات آمنة؟، وكانت الصحف الأمريكية قد أعادت أمس نشر قصة دفع قطر 275 مليون دولار لعدد من المنظمات الإرهابية في العراق بهدف استعادة 25 مواطناً قطرياً بينهم تسعة أشخاص من الأسرة الحاكمة تم اختطافهم جنوب العراق فى أثناء وجودهم فى رحلة صيد برى جنوب العراق، وما يبرر إعادة النشر تأكيد أن الخاطفين ينتمون لميليشيات حزب الله الوثيقة الصلة بإيران، وأن قطر عانت هى الأخرى الإرهاب، وهو أمر جد مختلف عن ممارسات قطر فى ليبيا وسوريا وقطاع غزة فى إطار مخطط واسع للتآمر شمل السعودية والبحرين والإمارات ومصر خلال أحداث الربيع العربى.