نون والقلم

د. عبدالرحمن الجيران يكتب: تركيا والإسلام السياسي: مدرسة النورسي

سعيد النورسي ، كردي الأصل ولد في فترة الخلافة العثمانية 1877 من أسرة متدينة، ورحل في طلب العلم وتصدى لفكر كمال أتاتورك ووقع في الأسر وجرح في المعارك مع الروس ثم نجح بالإفلات عام 1918 ورجع إلى اسطنبول، واستطاع أن يستقطب أعداداً كبيرة من الأتباع. وحاول أتاتورك إغراؤه بالمال إلا أنه رفض وكون جماعة، وقد كان لهذه الجماعة امتداد كبير وواسع في تركيا، لكنها تفرقت وانقسمت بعد موت مؤسسها النورسي، حيث تحولت إلى ثلاث طوائف:

– قسم التحق بحزب العدالة رئاسة ديميريل الذي أخذ على عاتقه التشهير بحزب السلامة (حزب الرفاه) الذي يرأسه نجم الدين أربكان؟

– قسم التزم الحياد والصمت.

– قسم التحق بحزب السلامة.

الامتداد العالمي للحركة، وكيف وصلتنا؟

انتشرت هذه الدعوة الصوفية النقشبندية في أكثر من 140 دولة وتحمل معها بعض معالم دعوة سعيد النورسي مختلطاً بالفكر السياسي التركي الطوراني الذي أسسه اليهودي موثير كوهين، الذي الف الطورانية الهادفة لتمجيد الترك واثارة النزعة القومية فيهم بقصد غرس قيم الولاء للغة التركية التي يزعمون انها ام اللغات والحضارة التركية ام الحضارات… يقول د. فكرت رفيق السيد «ان الخطاب النورسي شكل برنامجاً تجديدياً تغييريا انقلابياً وأنه لا يخرج عن اطارات مشروعة التجديد الحضاري الشمولي فاعليته في الحياة الاسلامية المعاصرة» ويتابع «السياسة النورسية التي تمثلت في ربطها العضوي بالمسألة الأخلاقية التي هي جوهر رسائل النور».

فقد ركز النورسي ومعه عبدالله غولن، السائر على دربه، على المسألة الأخلاقية فقط ولا اهتمام بالعقيدة طالما أنه لا يضر مع الإيمان معصية، وهذه هي عقيدة الإرجاء المسيطرة على الأجواء التركية اليوم وللأسف! حيث شيوع مظاهر العُري والتفسخ والانحلال وانتشار حانات الخمور ومواخير البغاء.

وعضّد هذا الطرح الانحراف الكبير في القول الضعيف والمرجوح في الفقه الحنفي المعتمد في المحاكم عندهم هناك أن المرأة تملك حق تزويج نفسها من دون ولي ولا حتى شهود… وهنا جاءت عبارة النورسي حيث يقول «لا يناسب الشيخ الوقور أن يلبس لباس الراقصين فكذلك لا يناسب اسطنبول أن تلبس أخلاق أوروبا حيث اهتم في دعوته بالجانب الأخلاقي التربوي لما وجد صور الانحلال انتشرت في تركيا» كنتيجة للإسلام السياسي الشكلي!

وأما ثالثة الأثافي كما يقال، فاستبعاد النورسي فكرة الجهاد في سبيل الله وتابعه عبدالله غولن حيث يقول النورسي «إن دعوتنا هي الإيمان والجهاد يلي الإيمان وأن زماننا هذا هو زمان خدمة الإيمان ووظيفتنا هي الإيمان وخدمتنا تنحصر في الإيمان».

وكان لهذه العقيدة أثر على موقف النورسي حيث لم يدعم حركة الشيخ سعيد الكردي الذي قام بثورة ضد مصطفى كمال أتاتورك سنة 1925، وقد حدثت معارك مع الكماليين في منطقة ديار بكر سقط فيها آلاف من المسلمين، ويأتي هذا الموقف انطلاقاً من فكرة وجوب جهاد النفس أولاً ثم الدعوة إلى تنوير الأفكار حيث نادت الجماعة بإصلاح القلوب وعدم الدخول في معارك جانبية.

ولم يدعم حركة الجنود في 11 مارس 1909 المعروفة بحركة «أودجي طابوري» وكذلك حركة سعيد بيران، وهي حركات قامت ضد سياسة أتاتورك ولا غرو في أن نجد مسارعة عالمية لاحتواء هذا الفكر ونشره بين الناس وإظهاره بمظهر الإسلام الحديث أو الإسلام السياسي كما يحلو لهم هذه الإطلاقات.

ونجد أصداء هذه الحركة تتردد في المؤتمر الدولي لمجلس اللوردات البريطاني والمؤتمر الدولي في قصر الكرملين في روسيا، والمؤتمر الدولي في البرلمان الأوروبي، مروراً بالجامعات الأميركية والأسترالية وأخيراً حط رحاله في جامعة الدول العربية!

نقلا عن صحيفة الرأى الكويتية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى