حرص القائمون على مهرجان الظفرة البحري، الذي تنعقد فعالياته تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وبالتعاون مع نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، والذي يستمر حتى 28 أبريل الجاري، على أن يقدّموا عبر السوق الشعبي في المهرجان نموذجاً راقياً للسلوكيات والعادات التجارية الإماراتية التي عرفها أبناء الدولة منذ ما قبل قيام الاتحاد في العام 1971.
ويتميز السوق الشعبي ضمن مهرجان الظفرة البحري، والذي يضم أكثر من 45 دكاناً، بأنّ جميع صاحبات مشاريع الدكاكين التجارية والقائمات عليها هنّ من النسوة الإماراتيات، ما يعكس الدور الفاعل والمؤثر للمرأة الإماراتية قديماً في الحياة العامة والتجارية بشكل خاص، حيث تشير مريم المرزوقي إلى أنها تنتظر فرصة المشاركة في المهرجان من عام إلى آخر، لتعرض في دكّانها الشعبي متعلقات التراث الإماراتي لا من باب المنفعة الاقتصادية والربح المادي فحسب، بل من باب الانتماء الوطني والوفاء لإرث الأجداد والحفاظ على الموروث لنقله إلى الأبناء.
وقالت مريم المرزوقي «أعرض في دكّاني كل مشغولات الخوص التراثية من السلال، السرود، المخرافة وهي السلال التي اعتاد الإماراتيون القدماء أن يجمعوا بها الرطب، والشنط التي يتم حمل الدلال بها، وبعض المصنوعات الحرفية اليدوية من أشرطة البلاستيك وألياف الخشب والتي يتم استخدامها لإحياء مراسم الاحتفال بليلة النصف من شعبان والمعروفة محلياً بالقرقيعان، حيث يقوم أفراد الأسر الإماراتية بتجهيز المكسرات والسكاكر والحلويات بألوان زاهية وتغليفات خاصة بها، لتقديمها بوسائل مبتكرة لتكون جاهزة للتوزيع».
وتختم المرزوقي بالتأكيد على أنها شاركت بدكانها الشعبي ضمن السوق منذ انطلاقة المهرجان قبل عشر سنوات، مشيرةً إلى أنها أيضاً مدربة ضمن مبادرة «صوغة» حيث تقوم بتقديم التدريب للنساء الإماراتيات حول التراثيات وكيفية الاشتغال على الحرفيات والمصنوعات اليدوية بأساليب ومهارات تراثية عريقة.
أما منى سعيد فتقول إنها «تعرض الملابس والعطور والشيل والصناعات اليدوية التراثية ذات الاستخدام المنزلي مثل علاّقات واستخدامات المطابخ من الصوف والمنسوجات اليدوية»، مشيرةً إلى أنها تشارك في المهرجان ضمن السوق الشعبي منذ خمس سنوات وتشهد كيف أنّ المهرجان يتطور من عام إلى آخر.
بينما تعرض آمنة أحمد علي الحمادي الملابس والإكسسوارات، وتتميز بجمعها بين التراث والحداثة بحسب ما تقوله لكون جمهور المهرجان غير محصور بالإماراتيين فقط بل يضم الجنسيات العربية والأجنبية كذلك، فهي تعرض مجموعة متميزة من أنواع العطور الفرنسية والعربية مثل جوتشي ووان مليون وشانيل إلى جانب العود الخالص. وأوضحت «أبيع في دكاني أكثر من 12 نوعاً من العطور العربية والفرنسية التي تتميز بثباتها ودوامها، إلى جانب المجوهرات المطلية بالذهب والملابس من الصناعات اليدوية المحلية والأخرى المستوردة».
وأضافت الحمادي: «نشارك في المهرجان منذ البدايات لأننا حريصون على إبراز دور المهرجان في احتضان المشاريع الصغيرة وتنشيط الحركة التجارية في منطقة الظفرة، ونشكر القيادة الرشيدة على اهتمامها بالتراث وحرصها على حفظه للأجيال». وأشارت إلى أن اسم محلها «قديمك/ إبريسم» يعني إنها مفردة تراثية إماراتية متعلقة بالملابس من الدشاديش والكنادير والعبايات والثياب والشيلات والقطني التي كانت الزي اليومي لأمهاتنا وأجدادنا، يرتدونه بحسب المناسبة والحال.
وتعرض النسوة المشاركات في السوق الشعبي الملابس والعطورات وأدوات الزينة النسائية والمجوهرات والحُلي، إلى جانب الشموع وأدوات الديكور والزينة المنزلية ومعدّات الضيافة والاستقبال من الدلال إلى الأباريق والفناجين، بينما تختص بعض الدكاكين ببيع البهارات والتوابل المعروفة في الإمارات مثل القرفة والبزار للمجبوس والبرياني، الكزبرة، الكمّون، الفلفل الأسود والأحمر، الزنجبيل، والكركم، والليمون المجفف المعروف بالليمون الأسود أو اللومي اليابس «لومي صحاري» وهو نوع من أنواع البهارات يستخدم في أطباق المطبخ الإماراتي.
فعاليات لجميع أفراد الأسرة ومتعة للجمهور من مهرجان الظفرة البحري
ومع اقتراب مهرجان الظفرة البحري من ختام فعاليات أيامه العشرة، تتجدد إشادة جمهور منطقة الظفرة من مواطنين ومقيمين بالفعاليات المجتمعية العديدة التي يتضمنها برنامج فعاليات المهرجان في منطقة شاطئ مدينة المرفأ.
فعلى مساحة تزيد على 20 ألف متر مربع، توزعت طوال الأيام الثمانية الماضية، فعاليات كثيرة ومتنوعة من الرياضة والتراث والفعاليات الاجتماعية والسياحية والترفيهية لجمهوره الذي يتعدى السبعين ألف فرداً من أفراد الأسرة وفئات الجمهور المختلفة بين مواطنين ومقيمين في منطقة الظفرة، وزوار المنطقة من إمارة أبوظبي والإمارات الأخرى، إضافةً إلى الزوار والسياح والمشاركين القادمين من نحو 20 دولة من حول العالم.
وأهم ما شدّ أنظار جمهور المهرجان ولاقى رضاهم واستحسانهم تلك الباقة المميزة من الفعاليات التراثية ذات الصلة بالبيئة البحرية، والتي تضمنت فعاليات المسرح الرئيسي وقرية الطفل، بالإضافة إلى السوق الشعبي الذي عرض مختلف أدوات الحياة الإماراتية قديماً وحاضراً، واحتضن مسابقات الطبخ، وعروض الأزياء للفتيات والسيدات وعروضا للعديد من المنتجات المتنوعة.
وعبيد خلفان المزروعي، مدير الفعاليات التراثية في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي أن «بعض أفراد الجمهور يأتي إلى المهرجان لأنه يشارك في فعالياته ويسعى للفوز بمسابقاته العديدة، وإبراز قدراته ومهاراته الرياضية، ولكن كثيرين من الإماراتيين خاصةً، يحضرون فعاليات المهرجان لحرصهم على حضور الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية التي سادت في الماضي بين أجدادنا سكان منطقة الظفرة الأوائل، والترويج لها».
ويضيف «إننا نشكر جهود القيادة الرشيدة على الدعم اللامحدود الذي يقدمونه لرياضيينا وخصوصاً أبناءنا من الشباب والناشئة، كما نقدّر عالياً حرص أصحاب السمو الشيوخ على تعريف الشباب والأطفال بالعادات والتقاليد الإماراتية، وإشراكهم بالتراث وتحفيزهم على الحفاظ عليه كأمانة وطنية وإنسانية لا تخص الإمارات فقط بل الإنسانية والتراث العالمي».
واستطلاعاً لآراء الجمهور، يشير عبد الله المانعي إلى أنّ «مهرجان الظفرة البحري يحاكي الماضي والحاضر والمستقبل المشرق لدولتنا الحبيبة، دولة الإمارات العربية المتحدة، نشكر قيادتنا الحكيمة وعلى رأسها سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجميع حكّام الإمارات، على مثل هذه المهرجانات التي تحافظ على إرث الإمارات وهذا الشيء مطلوب، واليوم نرى الصغير قبل الكبير يتعلمون الحياة البرية والحياة البحرية».
ويختم المانعي بالقول: «هذا التنوع الثقافي الممزوج بالحداثة جميل ومن الممكن أن يستفيد الطفل من معلوماته البحرية وتعرّفه على أنواع الرياضات البحرية، وأما في المسابقات الرياضية والرياضات البحرية فالتنافس مطلوب في الميدان وهذه المسابقات تحفّزهم وتدعم السلوكيات الصحية والأخلاق الرياضية لديهم، وكذلك المسابقات تسهم في استقطاب الجمهور في أجواء بحرية لا يمكن تفويتها بصراحة».
وقال محمد عبد الله الحوسني «جزاكم الله بالخير، وخاصة المنظمين من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي على هذا المجهود الرائع الذي يقدّم لنا مهرجاناً للرياضات البحرية والفعاليات المجتمعية نحرص على حضوره كل سنة، والمهرجان في تحسّن مستمر مع تمنّينا على أن يتوسع المهرجان في تخصيص منطقة للأطفال تشتمل على تقديم الألعاب الكهربائية وألعاب نشاطات الحركة (النقازيات) وغيرها مع الإبقاء على المسابقات والمعلومات التراثية التي تقدمها قرية الطفل في المهرجان».
وتابع الحوسني: «أنا هنا لأنني من هواة السباقات البحرية وخصوصاً جئتُ لأتابع السباقات البحرية وخاصة سباقات المحامل، ولفت انتباهي منطقة العريش لما فيها من محتويات تراثية نحرص أن نطوف العيال فيها نعلمهم تراث الأجداد ونشجعهم على الحفاظ عليه».
مهرجان الظفرة ينعش الحياة الاقتصادية ويبرز المنطقة كواجهة سياحية
ونجح مهرجان الظفرة البحري في إنعاش الحياة الاقتصادية في مدينة المرفأ، والمساهمة بإبراز المنطقة كواجهة سياحية على الخارطة السياحية لإمارة أبوظبي، وذلك بفضل ما يقدمه من فعاليات وبرامج وأنشطة متميزة.
وأوضح السيد عبيد خلفان المزروعي مدير الفعاليات التراثية في اللجنة مدير المهرجان، أن الظفرة البحري يظهر الماضي والتراث بأبهى صوره من خلال الفعاليات التي يحتضنها على مدى أيامه العشر، ويعد المهرجان بمثابة ملتقى يتجمع فيه جميع عشاق البحر ويتم فيه تبادل الخبرات والمهارات، ومنذ أول إنطلاقه له استطاع أن يستقطب العديد من الجنسيات الأجنبية بالإضافة إلى مواطنين الدولة.
وأوضح المزروعي أن المهرجان يقدم رسالة مهمة وهي توجيه أهل الإمارات إلى الظفرة كمنطقة سياحية من الدرجة الأولى، وتقوية أواصر المحبة والإخوة بين شباب الدولة والمشاركين من مختلف دول العالم، وهو الهدف الأول من المهرجان لدعم المنطقة والترويج لها بخاصة مع ما تشهده الظفرة من انتعاش اقتصادي ملموس، وحركة تجارية كبيرة عند إقامتنا هذا المهرجان وغيره من الفعاليات الثقافية والتراثية.
وأضاف أن المهرجان ومع ما لاقاه من شعبية واسعة من أهل المنطقة ومن السياح، بات يمثل فرصة تعريفية بالمنطقة وترويجية لمنتجاتها وسلعها ودعم للأسر المنتجة، كونها تسعى أيضاً للحفاظ على الصناعات التقليدية المحلية التراثية التي تعبر عن تراثنا هذا البلد العريق.
وأفاد عبيد خلفان المزروعي أن مهرجان الظفرة البحري يحفل هذا العام بالعديد من الفعاليات المميزة، التي حولت شاطئ مدينة المرفأ لملتقى رياضي وتراثي وثقافي، يملؤه المرح واللحظات المشوقة بالعروض المائية المميزة والأجواء العائلية المنوعة، فالمهرجان يمثل وجهة أساسية لسكان دولة الإمارات من مواطنين ومقيمين، ولا سيما سكان منطقة الظفرة، فضلاً عن استقطاب العديد من المحترفين محلياً وعالمياً، في الرياضات البحرية التراثية والرياضات البحرية المتنوعة المقامة ضمن المسابقات الرئيسية للمهرجان.
«الجسمي» يتقدم المحترفين في مسابقة السباحة و«الحمادي» بفئة الكبار
أعلنت اللجنة المنظمة لمهرجان الظفرة البحري، نتائج مسابقة السباحة التي انطلقت على شاطئ المرفأ، والتي جاءت ضمن ثلاث فئات (المحترفين، الكبار، الصغار)، وبمشاركة عدد كبر من المتسابقين في كل فئة.
وأسفرت النتائج في فئة المحترفين عن فوز عبيد احمد الجسمي من شركة أدنوك بالمركز الأول بزمن 13.2 دقيقة، وفي المركز الثاني سعيد احمد الجسمي من أدنوك بزمن قدره 14 دقيقة، وفي المركز الثالث سعيد حارب حمد بزمن قدره 15.3 دقيقة .
وفي فئة الكبار فاز بالمركز الأول ساري عبدالله الحمادي من القيادة العامة لشرطة أبوظبي بزمن قدره 9.25 دقيقة، وفي المركز الثاني فيصل الشحي من مديرية شرطة الظفرة بزمن 9.3 دقيقة، وفي المركز الثالث عبدالله هادي بزمن قدره 9.5 دقيقة .
وفي فئة الصغار فاز بالمركز الأول ابراهيم محمد عبدالعزيز بزمن قدره 3.17 دقيقة، وفي المركز الثاني عبدالله محمد علي بزمن قدره 3.39 دقيقة، وفي المركز الثالث هزاع شمس المرزوقي بزمن قدره 3.51 دقيقة.
بلدية منطقة الظفرة تشارك في فعاليات المهرجان
وتشارك بلدية منطقة الظفرة في فعاليات مهرجان الظفرة البحري، وذلك من خلال تجهيز البنية التحتية لموقع المهرجان الذي يقام على شاطئ المرفأ، حيث قامت فرق البلدية بتسوية شاطئ الكورنيش، وتجميل وتشجير أرض المهرجان وتوصيل الماء والكهرباء.
كما تقوم البلدية بشكل يومي على توفير صهريج مياه لتعبئة الخزانات التابعة للمهرجان يومياً، ورش الارضية الترابية بالمياه، بالإضافة إلى توفير فني كهربائي للطوارئ للملاعب الموجودة على الكورنيش.
وتعمل البلدية على تسوية وتهيئة ملاعب كرة القدم والكرة الطائرة وتجهيزها، حيث تقام مباريات بشكل يومي، بالإضافة إلى التفتيش الفني ومتابعة أعمال التوصيلات الكهربائية لموقع المهرجان، وتنظيف مرافق الكورنيش، إلى جانب توفير المنقذين البحريين على الشاطئ، وتوفير حراس أمن إضافيين خلال فترة المهرجان، وتخصيص مفتش طوارئ للمهرجان في ساعات ما بعد الدوام.
الجدير بالذكر أن بلدية منطقة الظفرة تشارك في جميع المهرجانات والأنشطة التراثية والاجتماعية والرياضية المختلفة التي تقام بالمنطقة كمهرجان الظفرة التراثي بمدينة زايد، ومهرجان ليوا للرطب ومهرجان ليوا – تل مرعب، ومزاد ليوا للتمور، وذلك انطلاقاً من حرصها ومسؤوليتها المجتمعية تجاه المجتمع المحلي، وكذلك انطلاقاً من رؤيتها ورسالتها الرامية إلى توفير نظام بلدي ذو كفاءة عالمية يحقق التنمية المستدامة المنشودة ويعزز معايير جودة الحياة في إمارة ابوظبي.