فالدول أول من مارس الإرهاب قبل الجماعات والطوائف، كانت ولا تزال الدول الإرهابية موجودة، وكوريا الشمالية إحداها، وإسرائيل على رأسها، وهي التي تملك مئات الرؤوس النووية باعتراف قادتها، ومع ذلك لا يتحدث أحد عن إرهابها لجيرانها، لكنهم يتحدثون وبأعلى صوت عن كوريا الشمالية.
النووي لا يمكن أن يُستخدم في المناطق المتداخلة، حيث ترتد آثاره على الدول المحيطة، لهذا لم تضرب الولايات المتحدة برلين أو أي مدينة ألمانية أو إيطالية بالقنبلة النووية، لكنها ضربت هيروشيما وناجازاكي في اليابان، هناك في أقصى الشرق، وأي امتداد سيكون أيضاً هناك، وليس في قلب أوروبا، حيث الأصل والدم الأزرق، رغم أن الخطر الأكبر كان من هتلر وموسوليني.
ولهذا نحن لا نخاف من نووي إسرائيل، فوجوده مثل عدمه، وباكستان لا تخاف من نووي الهند؛ لأنها تملك ما يوازيه، ومع ذلك نسأل عن مبدأ العدالة، مع علمنا بأنها غائبة، فحروب الإبادة لم تحتج إلى النووي، وسوريا خير مثال، والعراق كان قبلها وبعدها، والبوسنة مازالت صور مذابحها عالقة في الأذهان، وجنوب إفريقيا ووسطها وشرقها تحدث عن أخبارها.
إن السلاح الذي يقتل العُزّل من المدنيين أخطر من القنبلة النووية، وهو منتشر ويصل إلى الجيوش وإلى الحركات المتمردة، ويحمي تجار المخدرات وقادة التنظيمات المتطرفة، هو وسيلة القتل المستخدمة عند الإرهاب الدولي، وهو أداة مواجهة الإرهاب، ويصل للطرفين من المصدر نفسه، لهذا تتغذى النزاعات الإقليمية وتستمر في الحياة، وتهدد العالم، ولكن العالم يقف عاجزاً لأنه أضعف من صنّاع الموت.
وأخيراً، أقول لكم، قد تنتهي أزمة كوريا الشمالية، وقد يصبح كيم جونغ أون صديقاً لدونالد ترامب، ومع ذلك سيبقى العالم يفور، فالعدالة لا تتوفر عند تجار الأسلحة، والسلم لا يتحقق من صُناع الحروب.