نظم مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة بأبوظبي، مساء أمس الإثنين، محاضرة تحت عنوان «قصائد الشيخ زايد ومقولاته بين الترجمة والعالمية»، ألقاها كل من الدكتور علي بن تميم مدير شركة أبوظبي للإعلام أمين عام جائزة زايد للكتاب، وسلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر، وأدار الحوار فيها الدكتور خليل الشيخ مستشار الوثائقيات والبحث بشركة أبوظبي الوطنية للإعلام.
وشهدت المحاضرة حضور كل من الشيخ هزاع بن خليفه بن سلطان بن شخبوط آل نهيان، ومعالي اللواء ركن طيّار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، والسيد عبدالله بطي القبيسي، مدير إدارة الفعاليات والاتصال في اللجنة، إلى جانب عدد من أهالي المنطقة ورواد المجلس من المثقفين والكتاب والشعراء والإعلاميين.
وقال الدكتور علي بن تميم، مدير شركة أبوظبي للإعلام وأمين عام جائزة زايد للكتاب، خلال المحاضرة، إن أقوال وأشعار الشيخ زايد – رحمه الله – تندرج تحت 4 قيم ومفاهيم كبرى، وهي: (الهوية والتقدم والتسامح والمواطنة)، وقد كان سموه يؤمن أن الهوية الثقافية تتجلى بالمسؤولية الفردية والجماعية، والتكافل الإجتماعي، والحرية المسؤولة، والشورى والعدالة والإعلام، فضلاً عن كثير من الخصال التي أولاها العرب منذ نشأتهم مكانة خاصة، مثل الكرم والإباء والعلم والشرف، وفي نفس الوقت إهتمامه بالمعاصرة والتطلع إلى المستقبل.
وأفاد بن تميم أن رؤية الشيخ زايد في التقدم تتمثل في التوازن بين الثابت والمتغير والأصيل والمعاصر والمحافظة والتجديد، وأن بمقدور الحضارة العربية أن تجمع الإنجاز المادي الضخم والأبعاد الفكرية والأخلاقية، وأن تفعل ذلك في هذا العصر.
وأضاف أن الشيخ زايد – رحمه الله – كان يرى أن الإسلام يجسد التقدم الذي يتجاوز الواقع المتردي إلى الواقع المنشود، حيث بقي الإسلام يشكل في تصوره قوة دافعة وضابطة للفعل الإنساني.
وأشار إلى أن الشيخ زايد ومن خلال أقواله وأشعاره كان يدعو على الدوام إلى التسامح، ويرفض العنف ويحارب الإرهاب، ويدعو إلى الحوار بين الأديان وإلى الحوار الحضاري بديلاً عن الصراع الحضاري، وكان يعي أن الاختلاف سنة من سنن الكون والحياة، ولم يكن يسعى عبر الحوار إلى فرض رأيه على الآخر، بل يهدف إلى تعظيم القواسم المشتركة بين الناس والتقليل من الخلاف الذي يقود إلى الصراع والعنف، فهو ابن الحضارة العربية القائمة على التنوع في إطار الوحدة، مشيراً إلى أن الشيخ زايد غرس في قلوب أبناء الإمارات ومن يقيم عليها المواطنة الإيجابية بشتى صورها وتجلياتها، حيث كان يمتاز بروح المواطنة التي تقدم العطاء بدون مقابل، والتضحية بالروح والجسد من أجل أن يستمر الوطن مرفوع الرأس والهامة، والحرص على تعليم الشباب والأجيال القادمة المواطنة الحقيقية.
وتناول سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر، خلال المحاضرة، الحديث عن كتاب «تأملات في أقوال وأشعار الشيخ زايد» الذي صدر مؤخراً عن لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وبالشراكة والتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام، باللغتين العربية والفرنسية، والذي يكشف عن الأهداف الإنسانية السامية في أشعار وأقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه، مشيراً إلى أن هناك نية لإصدار نسخ من الكتاب بعدة لغات عالمية.
وأكد أنّ هناك ملامح مهمة في أشعاره وأقوال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله، تتجلى في القيم الإنسانية التي تناولها في قصائده، وترتبط هذه القيم بأشكال عديدة ومهمة مثل ضرورة التحلي بالصبر والاجتهاد والعمل لأجل تحقيق النجاح، والتسامح والدعوة إلى السلام وتقبل الآخر وتبادل الاحترام بين الفرد والآخر، واحترام المرأة والعلاقات الإنسانية، بالإضافة إلى حب الوطن والدفاع عنه.
وأشار إلى «أن الشيخ زايد نظم الشعر النبطي على مختلف الأوزان، لكنه أبدى اهتماماً واضحاً بأوزان الشعر النبطي وفنونه التي اشتهرت بها إمارات الدولة منذ القدم، خاصة الونة والردحة والتغرودة، مضيفاً أن قصائد الشيخ زايد كانت تتميز بما تحمله من مضامين عظيمة وهادفة تحمل في طياتها رسائل موجّهة للجميع للتحلّي بروح المبادرة، وبالشجاعة والكرم ومحبّة البذل والعطاء، بالإضافة إلى براعة الوصف المُطعّم بالحكمة، وجزالة العبارة، ومتانة البُعد الصوتيّ والإيقاعيّ، وتعدّد المضامين المتصلة بتجربته الإنسانية العميقة.
وذكر أنّ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، رحمه الله، كان يبني جيلا بأقواله الحكيمة وقصائده المُبدعة. وترك لنا في ديوان الشعر النبطي باقة من أجمل القصائد، التي امتازت بتعدّد الأغراض الشعرية، والمعاني التي تُغني الشعر وتجعل منه رسالة نبيلة توحّد الشعوب، وتُحارب الأفكار المُتشدّدة.