هكذا تبدو عيون الصغار ببريق البراءة يرسمون مشهداً إنسانياً عظيماً وهم يودعون آباء ملأوا قلوبهم بعافية الحب ثم غادروا مالئين فضاءات الصدور بمشاعر العزة والكبرياء، محملين الجميع مسؤولية رعاية الفلذات، وكيف لا، والوطن هو الحضن والحصن والشجن والأيدي الأمينة تتلقف نظرات الصغار بشغف الانضواء تحت راية واحدة، راية الوطن.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يضعان الصغار في الأحضان، مهدهدين مشاعرهم بلطف الابتسامة ونسيم الكلمات والعهد باقٍ وراقٍ إلى مستوى التضحيات من أجل جيل لم يفقد راعيا طالما رعاه المجد، أخذوا على أنفسهم السامية مسؤولية أبناء الشهداء، وتحقيق كل ما يلزمهم وإذابة العقبات في طريقهم وإنشاء مكتب لشؤون أسر الشهداء، في ديوان ولي العهد، هو جسر الوصال الحقيقي ما بين القيادة، ومن فَقَدوا الآباء، والأشقاء في ساحات الشرف الرفيع.. هذه هي شهامة وطن لا تغمض عيناً عن الصلب والترائب، هذه هي نخوة رجال عاهدوا الله على ألا يكونوا إلا حراساً أوفياء لقيم الإنسان وتقاليده.. ومن يتابع الزيارات واللقاءات الحميمة التي جمعت قادتنا وذوي الشهداء يلمس هذا الحنو وهذه العاطفة الجياشة وهذا الارتقاء في التعبير عن المشاعر نحو حرارة الفقدان والاعتزاز بسيول الدم التي أريقت على تراب اليمن الشقيق سعياً لتحقيق الحرية والسعادة لشعب عانى ويلات الظلم والاضطهاد بأيدي طغاة بغاة، باعوا الوطن، واسترخصوا الضمير.
كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أرخت ظلالاً وارفة على رؤوس من ألهب حريقها غياب الآباء والأشقاء، هذه الكلمات التي خرجت من القلب لتصل إلى القلوب كالماء البَرَدْ، لتمنح من فَقَدَ عزيزاً، الصبر والشجاعة والتصميم على تلبية النداء المقدس ومواجهة الخطب بكل صرامة، لأن من فَقَدناهم هم أرواحنا التي طارت إلى جنات الخُلد، حيث الأصفياء والصديقين.
وأمام هذا التكاتف ما بين القيادة والشعب يبدو الوطن في منعة من الحزن أو الانكسار، يبدو أبناء الشهداء في حصانة مدى العمر تردع عنهم الخوف أو الإحساس بالوحدة لأنهم في حضرة قيادة آمنت أن الوطن أسرة واحدة والبيت متوحد تحميه قلوب مؤمنة بالحب واثقة من خطواتها تجاه المستقبل.