يبدو أن رئيس النظام السوري قد استعجل كثيراً وهو يُصرِّح بأن إعادة إعمار سوريا تحتاج إلى ٤٠٠ مليار دولار، وكأن حربه على شعبه قد حطت أوزارها، وأنه خرج بعد كل تلك السنوات منتصراً، فالمباني تم هدمها، والأهالي تم طردهم من مناطق سُكنَاهم، وظن بأن الطريق أمام إعادة الإعمار أصبح مهيأً في وسط كل هذه الظروف السيئة التي يمر بها الشعب السوري.
لم يسأل رئيس النظام السوري نفسه عمَّن تسبَّب في هذا الخراب، وهذا الدمار الشامل الذي قضى على البنية التحتية وكافة المرافق الحيوية، وقضى حتى على الإرث الحضاري والثقافي ودور العبادة التي تحوَّلت إلى أطلال، ألم يكن هو المُتسبِّب الأول في هذا الخراب؛ لإصراره على مواجهة شعبه الذي انتفض مطالباً بالإصلاح، ومن ثم تغيير النظام؟، ألم يستدعِ روسيا وإيران ومليشيات حزب الله وغيرهم من أجل تأديب الشعب السوري ومعاقبته على خروجه عليه؟، ألم يكن هذا الدمار الهائل هو نتيجة ضرب المقاتلات السورية والروسية التي لم تغب طوال السنوات الست الماضية عن الفضاء السوري، ودك المدافع الإيرانية للمنازل في المدن والقرى السورية؟!.
من البديهي أن يعرف كل عاقل بأن هذا الدمار مصدره النظام، لأن القوى التي تُعارضه لا تملك طائرات ولا صواريخ، ولا حتى مدافع ذات قدرة تدميرية تهدم المباني، وأن القاذفات الروسية كان لها دور كبير في اتساع مساحة الدمار، وقامت بتجربة أسلحتها على الأراضي السورية بمباركة من رئيس النظام.
وإذ يُصرِّح الأسد بأن الإعمار سيُكلِّف ٤٠٠ مليار دولار، فإن السيدة (موجريني) مُفوِّضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية وشؤون الأمن، أشارت إلى أن إعادة إعمار سوريا تصل إلى ٩٥٠ مليار دولار.
كان من المفترض أن يُوجِّه رئيس النظام السوري نداءه لإعمار سوريا للقوّتين اللتين دعاهما لتدمير سوريا، فهُم الأَوْلَى بإعمار ما أفسدته أسلحتهما التدميرية، فبلدان العالم بأسره ليست لها علاقة بذلك الدمار، لتُسدِّد فاتورة البلدان المارقة التي دمَّرت وأحرقت كافة المدن السورية، فروسيا وإيران تدخَّلا في الشأن السوري، وحميا عرش الأسد، ولابد من أن يُكلَّفا بإعادة الإعمار، ولو تطلَّب الأمر صدور قرار من مجلس الأمن لإجبارهما على ذلك، لأنهما مشاركان في هذا الدمار الذي حل بسوريا، وليكونا عبرة لمن تُسوِّل له نفسه بتدخُّل مُشابه لما حدث في سوريا.. فدول العالم لم تُكافىء هتلر بإعادة بناء ألمانيا؛ بعدما خسر هتلر الحرب.