تعيدنا الأجواء التي نعيشها اليوم، على مستوى منطقة الشرق الأوسط إلى أجواء العام 2003، عندما قرعت طبول الحرب الأميركية لإسقاط نظام صدام حسين بعد ماراثون من الأخذ والرد في شأن أسلحة النظام العراقي والتخلص منها، حتى دخلت بداية 2003 التي حبست أنفاس العالم وسط الحشد الأميركي الغربي لدخول العراق وإسقاط صدام، وهو الأمر الذي جرى بين مارس ومايو من العام المذكور، حيث احتلت أميركا العراق وأزالت نظام صدام.
اليوم نعيش الأجواء نفسها، مع قرع طبول الحرب الأميركية ضد نظام الأسد في سورية، في أعقاب استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه للمرة الثالثة بعدما سحبت منه أسلحة الدمار الشامل وفق قرارات مجلس الأمن، ولكن أجواء اليوم الشبيهة بأجواء 2003 تختلف في فارق واحد ساهم في توتر الموقف وأدخل المنطقة في حالة من الرعب والخروف والترقب، هذه الحالة تتمثل في ظاهرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هذا الرجل الذي قفز إلى البيت الأبيض في غفلة من الزمن، وهو الذي كان متعهد مباريات المصارعة الحرة، الذي رأيناه يتصرف بأسلوب بلطجي مع خصومه، ها هو ينقل هذه الحالة إلى البيت الأبيض لتكون سياسته قائمة على التصرفات غير المسؤولة وغير المحسوبة، والتي سببت حرجا للسياسة الأميركية أمام العالم.
فما أن انتشرت صور الهجمات الكيماوية الأخيرة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، وتوجيه الاتهام لرئيس النظام السوري، وبدأت الإدانات الدولية للهجوم، حتى خرج ترامب عبر حسابه في «تويتر» ليغرد واصفا بشار بـ«الحيوان» وهو وصف ليس جديدا، بل سبق أن أطلقه عليه، وأتبع ذلك بسلسلة من التغريدات التي تنذر بالويل والثبور للنظام السوري، متوعدا بضربة قوية له، ليدخل العالم كله، ومنطقة الشرق الأوسط في دوامة «الضربة الأميركية» ما بين «قريبة جدا» و«بعيدة جدا» وليقف الجميع على أقدامهم، مع اقتراب البوارج الأميركية والبريطانية والفرنسية من سواحل سورية من جهة، والتحسب الروسي الذي رافقته تحركات احترازية لقطعه العسكرية من جهة أخرى، حتى أصبح العالم كله موجها أنظاره إلى سماء سورية التي خلت من حركة الطيران التجاري الذي ابتعد عنها تفاعلا مع الظرف الجديد.
وتسابقت القنوات الإخبارية إلى الخوض في «الضربة» وتخصيص البرامج الطويلة لها واستضافة خبراء استراتيجيين وعسكريين وغيرهم للحديث عن توقيتها وحجمها وأهدافها وتداعياتها، فيما أخذت روسيا في المقابل في مواكبة تغريدات ترامب، محذرة من تداعيات كارثية على المنطقة جراء الضربة، قد تشعل حربا عالمية ثالثة، فيما انقسم العالم ما بين مؤيد ومعارض، وملتزم الصمت يراقب الوضع عن كثب.
ومع سيل تلك التغريدات التي أوقعت الجميع في حيرة عن جديته في توجيه الضربة، مع تحرك أسطوله نحو شرق البحر الأبيض المتوسط، عاش نظام الأسد حالة من الرعب الحقيقي، فأخلى مطاراته، وأرسل طائراته إلى كل من العراق وإيران، وأفرغ عددا من مواقع العسكرية ونقل معداته إلى مناطق مدنية مأهولة لتكون درعاً ضد الهجمات، فيما قيل إن الأسد نفسه غادر قصور الرئاسة في دمشق وأصبح تحت وصاية الجيش الروسي في قاعدته العسكرية بمطار حميميم.
وبعد كل هذا الحشد الكبير، إعلامياً وعسكرياً وسياسياً، جاءت الضربة خجولة لم تنزع ظفراً أو تكسر ناباً، فضربت مواقع خالية فهدمت مباني واقتلعت أشجارا، وكأنها طوق نجاة لبشار الذي بدا في نظر ما يدعى «تيار المقاومة» بطلاً قومياً يواجه عدواناً ثلاثياً أعاد إلى الأذهان العدوان الثلاثي على مصر في منتصف القرن الماضي، وقوّت شوكة النظام ليواصل استخدام آلة القتل ضد شعبه، وكأن حال العالم يقول له «اقتل شعبك كما تشاء، ولكن ليس بالكيماوي»!.
***
محليا، تعيش الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب حالة من الترقب حاليا بعد تسلم الدكتور علي المضف رئاسة الهيئة، حيث تتطلع أنظار منتسبي الهيئة، لاسيما موظفي القطاع الإداري، لتعديل الوضع الخاطئ في المناصب الإشرافية الإدارية في ديوان عام الهيئة، ليحظى الموظفون بفرصهم الوظيفية بدلا من التعيين المخالف لقرار ديوان الخدمة المدنية الذي حصل في الفترة الماضية، عندما عين أعضاء هيئة تدريب وتدريس في مناصب إشرافية إدارية، وما رافق ذلك من هدر للمال العام بميزات للمعينين في تلك المناصب، وخاصة وقف ميزة التفرغ العلمي براتبين لمتولي تلك المناصب.