الحواديت والحكايات المحيطة بـ «سيف الإسلام القذافى» تجسد الحالة الليبية بالضبط، فلقد سمعنا أنباء الشهر الماضى تقول إنه سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة، ثم ادعى محتجزوه أنه لم يكلف أحدا بتمثيله أو الحديث باسمه، ثم أعلنت كتيبة أبى بكر الصديق المسيطرة على مدينة الزنتان (جنوب طرابلس) أنها أفرجت عنه، ولكن ذلك لم يتم عمليا، وراجت أنباء أخرى تقول إنه توفى وترافق مع ذلك توجيه اتهامات للرئيس الفرنسى الأسبق ساركوزى لحصوله على تمويل ليبى غير معلن لحملته الانتخابية، وكان قد سبق لسيف الإسلام القذافى الحديث عن ذلك قبل خلع أبيه مطالبا ساركوزى بإعادة الأموال التى بلغت (طبقا لبعض التقديرات الفرنسية) 50 مليون يورو ومن قبل كل ذلك شاع وذاع أنه سجين فى الزنتان لكن مصيره ليس فى يد كتيبة أبى بكر الصديق، وهى التى أعلنت منذ سنوات رفض تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية ثم زفت خبر الإفراج عنه طبقا للعفو العام الصادر عن برلمان شرق ليبيا.
كل ذلك الخلط يعطينا انطباعا بتعدد السلطات التى تحكم ليبيا، وبعضها ليس لديه شرعية من أى نوع والبعض الآخر شرعيته محل جدل ولا يمكنك إزاء تلك الأنباء تأكيد أو نفى أى شيء بما يُدعم الاعتقاد بأن (ليبيا) كانت فى وضع أفضل فى عهد القذافى (حتى لو اختلفت مع بعض أو معظم سياساته) وربما كان ذلك ما صرح به وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو فى افتتاح مؤتمر موسكو السابع للأمن القومى الدولى، حين قال «إن سقوط النظام الليبى السابق أثر على تماسك ووحدة إفريقيا».. ولا يشك أن الحال الليبى هو نتيجة مباشرة لتدخل أطراف دولية كثيرة واللعب بأصابعها فى دماغ ذلك البلد وهو ما يجسده حديث أبو صلاح شلبى عضو مجلس النواب الليبى (برلمان طبرق) الذى قال إن هناك أدلة على تورط قطر وتركيا فى العبث بليبيا.. هذا الحال هو الذى أنتج اللوحة الكفكاوية (المفزعة نسبة إلى الروائى فرانز كافكا) لبلد هو من ضحايا الفكرة الأمريكية الشريرة والخرقاء لنشر ما يسمى «الربيع العربي» وتنفيذ ما يقال له «الشرق الأوسط الكبير»، ويعد اسم سيف الإسلام القذافى ـ بالطريقة المتداولة الآن ـ أكبر أمثلته.