انتهى الشعب الروسي، الأحد المنصرم، من الإدلاء بأصواته في الانتخابات الإقليمية لاختيار حكام المدن، تمهيداً للانتخابات النيابية لاختيار نواب المجلس التشريعي التي ستجري العام المقبل، ولما كانت هذه الانتخابات هي الأولى بعد وقوع روسيا في الأزمة الاقتصادية الحادة، يطرح السؤال إن كان بوتين سيحافظ على مقعد الرئاسة أم أن الكساد سيطيح به؟ وهل ستسعفه التغييرات السياسية المتوقعة للحفاظ على استقراره في منصبه؟
لا تسهل الإجابة عن هذا السؤال بـ”نعم”، خاصة أن الاستطلاعات الأخيرة للرأي رجّحت استمرار هيمنة الحزب الحاكم على غالبية المناصب الإقليمية؛ ومن ثم يتوقع أن يحوز بوتين وحزبه على الأغلبية في الانتخابات النيابية، لكن على الرغم من نتائج الاستطلاعات يبقى الأمر متعلقاً بعدة عوامل سياسية واقتصادية قد تتغير وتسيء لمكانة بوتين خلال السنة القادمة.
– الكساد الأصعب
على الصعيد الاقتصادي تواجه روسيا كساداً حاداً يعتبر الأصعب منذ 6 أعوام، وذلك بعد انهيار الروبل الروسي العام الماضي على أثر ضربات متتالية تلقاها بسبب انخفاض أسعار النفط العالمي، وفقدان ثقة المستثمرين بالعملة الروسية؛ ممّا أدى لسحب استثماراتهم منها.
وكنتيجة لهذا الانهيار لم تحقق روسيا نمواً اقتصادياً في العام الحالي، وازدادت فيها أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية بشكل كبير؛ ما دفع الروس إلى تخزين الطعام بكميات كبيرة خوفاً من استمرار ارتفاع أسعاره، وهنا يرى مراقبون أن استمرار الضغط على المواطنين الروس اقتصادياً، وإلحاق الضرر بجودة المعيشة خلال الفترة القادمة، سوف يسيء لسمعة بوتين ويظهره بمظهر العاجز أمام إيجاد الحلول، وهو ما سينعكس على نتائج الانتخابات.
– ملفات ساخنة
إلى جانب أن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي قد يضر بفرص بوتين في الانتخابات النيابية، إذ تدل مؤشرات كثيرة على اقتراب حدوث تغيرات كبيرة في السياسة الروسية واستراتيجياتها تجاه ملفات المنطقة خاصة الملف السوري، وفي هذا السياق يرى مراقبون أنه على الصعيد السياسي يمتلك بوتين عدة نقاط قوة؛ الأولى وجود التفاف شعبي حوله بسبب تعامله مع الأزمة الأوكرانية، وظهوره بمظهر “الحاسم والقوي والمتحكم” بالأزمة.
أما النقطة الثانية فمتعلقة بالملف السوري والتدخل الروسي الذي كثرت حوله الأحاديث في الأيام الأخيرة. وفي هذا السياق يرى مراقبون أن جرّ روسيا نفسها إلى تدخل فعّال ومباشر ومعلن داخل سوريا سوف يزيد من الالتفاف الشعبي حوله، وازدياد التخوّف من إحداث تغيير داخلي يفاقم مشاكل الشعب الاجتماعية والاقتصادية.
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن طرح روسيا لنفسها بقوة إلى جانب إيران بتقديم مبادرة لإنهاء وحل الأزمة السورية، ودورها الرئيسي في كل المفاوضات المستقبلية في الشأن السوري، قد يجعل الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة تتأنى قبل محاولة الإطاحة ببوتين في الانتخابات القادمة عبر تقديم الدعم للمعارضة الروسية. أي إن التوجه لحل الأزمة السورية سيجعل من بوتين “حليفاً” اضطرارياً مؤقتاً ومناسباً إلى حين حل الأزمة السورية، خاصة بعد موجات اللجوء الكبيرة التي اجتاحت أوروبا ودفعتها إلى السعي لوقف تدفقها عن طريق الدفع بالحل السياسي.
يذكر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، البالغ من العمر 62 عاماً قاد روسيا خلال الـ15 عاماً الأخيرة، لكنه يواجه هذه الفترة أصعب فترات رئاسته بعد انخفاض أسعار النفط وتقلص حركة التصدير من روسيا، والعقوبات المفروضة على روسيا من الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية.
المصدر : الخليج أون لاين