نون والقلم

أحمد عبد التواب يكتب: معنى مقاطعة الانتخابات

ما هو التصور العملى الذى يتوقعه دعاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية وفيهم ذوو خبرة وكفاءة وثقافة رفيعة؟ المؤكد أنهم لا يتوقعون أن يَبلُغ نجاح دعوتهم حدّ إفشال عقد الانتخابات، لأن وعيهم لا يقبل هذا الافتراض المستحيل، لأنه يتضارب أيضاً مع نتائج القواعد الدستورية والقانونية، التى يعرفونها جيداً، والتى تنظم بالتفصيل كل الاحتمالات العملية لانتخاب الرئيس: إذا تعدَّد المرشحون، وإذا تقدم مرشح وحيد، أو لم يبق سواه بعد تنازل باقى المرشحين، وشروط إعلان فوز المرشح من أول جولة، وإلا كانت هناك إعادة بين الأول والثاني، وحتى احتمال أن يتساوى مرشحان فى عدد الأصوات وجاءا معاً فى المرتبة الثانية..إلخ. وكل هذا مشروح بالدقة فى المادة الـ 143 من الدستور، والمادتين الـ 36 و39 من قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية. وهذا يعنى أن الانتخابات ستنعقد فى كل الأحوال وفق القانون، ولن يكون لدعوتهم أثر رهيب على البلد كما يتخوف البعض.

فهل تتواضع أهداف دعوتهم للمقاطعة إلى مجرد تسجيل موقفهم؟ وهل سيكون لهذا فائدة سياسية تعود عليهم فى انتخابات تالية إذا استمروا على هذا النهج؟ والسؤال الأخير له صلة مباشِرة بالموضوع، لأنه يجب الاعتراف، بدلاً من اللف والدوران، بصعوبة التواصل مع الجماهير بلغتهم ونيل ثقتهم والحصول على أصواتهم، وهو تحديداً ما يتهرب من مواجهته أغلب المقاطعين. وهى مشكلة موجودة فى معظم بلاد العالم، ومنها أكبر الديمقرطيات الغربية، ولكنهم هناك يجتهدون فى دراسة مشكلتهم ليتوصلوا إلى حلول تفيدهم. فلماذا يريد البعض لدينا أن يقنعنا بأن الجماهير فى جيبه، وبأن المؤامرات وحدها هى التى تحول دون أن يحكمهم ويُمثِّلهم، ثم يهاجم بشراسة المختلفين معه فى الرأى ويتهكم على إيمانهم بأن المشارَكة فى الانتخابات هى دعم لمحاربة الإرهاب؟

المؤكد أن فى مصر تراثاً سيئاً تراكم عبر قرون فى قمع العمل السياسي، واستفحل بإضافات عباقرة الاستبداد جيلاً بعد جيل! ولكن، وكما أنه يجب عدم الاستسلام أمام صعوبة مهمة الإصلاح، فإنه يجب الانتباه إلى ضرورة المشاركة، لأن المقاطعة تبقيك مكانك أو تشدّك للخلف وتدفع بآخرين للأمام. تَذَكَّرْ تجربة مقاطعة الانتخابات البرلمانية، ثم شكوى المقاطعين من أن البرلمان لا يمثلهم!

 

نقلا عن صحيفة الأهرام

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى