يوليو 2013 لم يكن فقط تاريخا للحظة تحول سياسي كبير في البلاد، ولكن أيضا فترة عصيبة على قطاع الطاقة بمصر، حيث كان المواطنون يشكون من انقطاعات الكهرباء وتشكو شركات البترول الأجنبية من تأخر مستحقاتها لدى الحكومة.
وفي تلك الفترة تولى رئيس الوزراء المكلف حاليا شريف إسماعيل حقيبة البترول في حكومة حازم الببلاوي، لتصبح اسهاماته في حل تلك المشكلات مؤشرا للتفاؤل بأدائه المستقبلي كرئيس للحكومة.
وكان إسماعيل رفض تولي وزارة البترول في عام 2011 الذي لم يكن أقل اضطرابا على الصعيد السياسي من 2013 إذ ارتبط العامان بتحولات سياسية كبرى.
وبحسب تقرير لموقع “أصوات مصرية”، لم يفضح إسماعيل عن أسباب رفضه تولي وزارة البترول في حكومة أول رئيس وزراء بعد ثورة يناير، عصام شرف. وتولى المنصب حينذاك عبد الله غراب.
وجاء قبوله للعرض الثاني بعد عامين من ثورة يناير 2011 وكانت المديونيات المتأخرة لشركات البترول الأجنبية الشريكة للحكومة المصرية في أعمال الاستخراج لاتزال عبئا ضخما حينئذ، كما تراجعت احتياطات النقد الأجنبي المصري، الأمر الذي جعل مهمة استيراد احتياجات مصر البترولية أكثر صعوبة.
وجاء قبول إسماعيل العرض الثاني لتولي الوزارة بعد أقل من شهر من أحداث 30 يونيو، التي كان السخط من انقطاعات الكهرباء عاملا رئيسيا وراء اندلاعها.
ولقي إسماعيل دعما في مواجهة مصاعب ملف الطاقة من المساندة الخليجية حيث ساهمت المساعدات البترولية للبلاد في تقليل فاتورة استيراد الطاقة.
الاعتماد على القروض
واعتمد إسماعيل على قروض مصرفية لتحقيق خفض كبير بمستحقات الشركاء الأجانب، والتي تراجعت من 5.9 مليار دولار، لتصل بنهاية شهر أغسطس الماضي إلى 2.9 مليار دولار.
واقترضت الهيئة العامة للبترول خلال فترة تولي إسماعيل للوزارة قرضين بهدف سداد مستحقات الأجانب، أحدهما بقيمة 10 مليارات جنيه والأخر بقيمة 1.2 مليار دولار، ولم تفصح الوزارة عن أي بيانات تظهر السياسات المستقبلية لسداد تلك القروض .
وأصبحت الوزارة تحت قيادة إسماعيل ملتزمة بسداد مستحقات الشركات الأجنبية الشهرية التي استجدت منذ 2013.
واتجهت السلطات بعد 30 يونيو إلى تيسير اعتماد اتفاقيات الاستكشاف بجانب سداد مستحقات الشركاء الأجانب مما ساهم في إعطاء دفعة لأعمال التنقيب عن البترول والغاز. ونجح إسماعيل في توقيع نحو 56 اتفاقية جديدة للبحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي والزيت الخام.
وكان من ضمن العقود الجديدة الاتفاق مع شركة إيني الإيطالية على حقل “ظهر” في امتياز “شروق” للغاز في مياه البحر المتوسط والذي يعد اكتشافا ضخما بالمعايير الدولية.
زيادة سعر شراء الغاز لتشجيع الشركاء الأجانب
ومما ساعد إسماعيل على جذب أعمال استكشاف ضخمة مثل مشروع إيني اتجاه هيئة البترول لزيادة أسعار شرائها لحصة الشريك الأجنبي من الغاز المستخرج، لتصل في اتفاق الشركة الإيطالية لـ 5.88 دولار للمليون وحدة حرارية.
وعدَل إسماعيل أيضا بعض الاتفاقيات الخاصة بشركة بي جي البريطانية ليصل سعر المليون وحدة حرارية إلى 5.88 دولار، كما تعاقد مع شركة أديسون على نفس السعر، ورفع سعر المليون وحدة حرارية من الغاز لشركة ار دبليو أي إلى 3.95 دولار.
وقال مصدر مسؤول بوزارة البترول والثروة المعدنية لموقع أصوات مصرية طالبا عدم ذكر اسمه إنه “كان من الضروري زيادة أسعار شراء الغاز، فالتسعير الحكومي للتعاقدات السابقة كان عادة ما يكون عند مستوى 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية، وهو ليس سعرا تنافسيا على المستوى العالمي”.
وأبرم إسماعيل تعاقدات مع كل من السعودية والإمارات وروسيا لتوريد شحنات من المواد البترولية والغاز المسال مع الحصول على تسهيلات في السداد.
واتجه إسماعيل لتطوير معامل التكرير المصرية، لزيادة معدلات إنتاجها وتوفير هذا الإنتاج للسوق المحلية.
ووضعت قرارات إسماعيل حدا لظلام انقطاعات الكهرباء. وقال المصدر “رؤية شريف إسماعيل لحل أزمة الطاقة في مصر كانت تقوم على إعطاء الأولوية لتوفير الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء لمنع تكرار ظاهرة انقطاع الكهرباء، مع تخفيض امدادات الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي، وقد نجح فعلا في تقليل الانقطاعات خلال هذا الموسم الصيفي”.
وأوضح المصدر أن وزير البترول السابق سمح باستيراد الغاز لأول مرة في محاولة لتلبية جزء من احتياجات المصانع بالإضافة لاحتياجات محطات الكهرباء.
وقال بنك بي إن باريبا في دراسة عن مصر، صدرت في أبريل الماضي، أن سداد مستحقات الشركات مع زيادة أسعار شراء الغاز “سيكون له تكلفة على المالية العامة بمصر من الصعب تقديرها في الوقت الحالي”.
ويعد إسماعيل من جيل ثورة 23 يوليو، حيث ولد بعدها بثلاث سنوات، وتخرج عام 1978 ولديه أسرة صغيرة تضم زوجته التي تعمل في شركة انبي وابنا وإبنة.
ويمتلك إسماعيل خبرة طويلة في العمل بقطاع البترول حيث عمل مهندسا للاستكشاف بشركة موبيل للاستكشاف لمدة عام واحد فقط، لينتقل بعدها إلى شركة انبي في عام 1979، ويستقر بها نحو 21 عاما، حتى وصل إلى منصب رئيس الشركة.
وتولي منصب وكيل وزارة البترول لشئون الغاز في عام 2000، قبل أن ينتقل إلى الشركة القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” ليتولى في عام 2005 رئاسة مجلس إدارة الشركة.
وفي عام 2007 تولي رئاسة مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة جنوب الوادي القابضة للبترول، واستمر في منصبه حتى تولي الوزارة .