نون والقلم

السيد زهره يكتب: هل اعتدنا الهوان؟

ما يجري في سوريا ليس حربا.. ما يجري هو عملية إبادة شاملة بأتم معنى الكلمة للشعب السوري، ولكل سوريا.

كل الدول والقوى التي تحارب في سوريا نقول انها تحارب الإرهاب. لكن حقيقة الأمر ان كل الذين يحاربون في سوريا هم الإرهابيون.. كلهم، مع الخلافات والصراعات بينهم، يجمعهم أمر واحد.. انهم جميعا شركاء في عملية إبادة شاملة للشعب السوري ولسوريا.

نحن في الدول العربية نتابع يوميا عملية الإبادة هذه وفصولها المختلفة، وأصبحنا نتعامل معها كما لو كانت أمرا معتادا.

لكن أحيانا تصدر تقارير تتضمن حقائق وأرقاما مرعبة عما يجري في سوريا من المفروض ان تصدمنا وتجعلنا نفيق.

نقول هذا بمناسبة تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» امس عما جرى لأطفال سوريا في عام واحد فقط هو عام 2017.

التقرير يتضمن أرقاما وحقائق مرعبة.

لنتأمل بعضا مما جاء بالتقرير من ارقام وحقائق.

* في عام 2017، قتل 910 أطفال، وتعرض 361 طفلا لإصابات في هجمات على مرافق صحية وتعليمية.

* من بين 6.1 ملايين سوري مشرد داخل البلاد، هناك 2.8 مليون طفل مشردين.

* يوجد 419 ألف سوري يقبعون تحت الحصار، منهم اكثر من 200 ألف طفل يعيشون أوضاعا مأساوية وبحاجة إلى معونات غذائية وطبية عاجلة.

* تعرض 3.3 ملايين طفل لمتفجرات خطرة.

* 1.75 مليون طفل في سوريا لا يذهبون إلى المدرسة، و730 ألف طفل محرومون من الذهاب إلى المدرسة في دول اللجوء بنسبة 43% من الأطفال اللاجئين.

* 48% من البالغين قابلوا أطفالا فقدوا القدرة على الكلام أو وجدوا صعوبة في النطق بسبب الحرب.

تأمل جيدا عزيزي القارئ هذه الحقائق والأرقام، وسوف تدرك ان حتى كلمة إبادة تقصر عن وصف ما يجري لأطفال وشعب سوريا وما يرتكب بحقهم من جرائم حرب وإبادة.

جيل كامل تم تحطيمه وتدميره وسد أبواب المستقبل أمامه في سوريا.

هذا الذي جرى ويجري لأطفال سوريا ليس سوى جزء صغير من عملية الإبادة الشاملة لسوريا والشعب السوري.

الذي يرتكب هذه الإبادة ليس فقط الأطراف المتحاربة في سوريا، وإنما العالم كله. العالم الذي يعجز، ولا يريد، ان يضع حدا لهذه المأساة التاريخية الشنيعة.

لكن ماذا فعلنا نحن في الدول العربية؟.. لا شيء على الاطلاق. وكأن الأمر برمته لا يعنينا.

أحد الأركان الكبرى، غير المعلنة، لمخططات تدمير دولنا العربية، هي ان نعتاد ما يجري لنا ولدولنا وشعوبنا.. ان نعتاد القتلى الذين يسقطون.. والدمار الذي يحل بمدننا، وتشريد شعوبنا، وإبادة اطفالنا.. ان نعتاد كل هذا ونتعامل معه كأنه اصبح أمرا روتينيا عاديا.

باختصار، يراد لنا ان نعتاد الهوان، ولا نحرك ساكنا.

وهذا للأسف هو ما يحدث، ولن يغفر التاريخ لأي منا، حكاما ومحكومين.

سيكتب التاريخ يوما ان أمة عربية تم تدمير دول منها، وتمت إبادة شعوب منها تحت سمع وبصر حكامها ومحكوميها، لكنها لم تحرك ساكنا وقبلت الذل والهوان.

نقلاً عن صحيفة أخبار الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

Back to top button