أقام مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر البطين في أبوظبي، مساء أول أمس الثلاثاء، محاضرة بعنوان “جيل مدارس الدمج” ألقاها الدكتور تيموثي شرايفر رئيس الأولمبياد الخاص الدولي.
وقد شهد المحاضرة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومعالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب رئيسة مجلس الإمارات للشباب، وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة إضافة إلى وفود من أصحاب الهمم من الرياضيين .
وعبر الدكتور تيموثي شرايفر في المحاضرة التي تولت معالي شما المزروعي تقديمها عن ثقته في قدرة أبوظبي على تنظيم الحدث العالمي بعد ما لمس النجاحات التي حققتها الإمارات في ملف دمج أصحاب الهمم وتعزيز مستوى الوعي المجتمعي المحلي بأهمية هذا التوجه مشيراً إلى أن الإمارات تسير بخطى واثقة نحو الوصول إلى تكوين نموذج للمجتمعات المتحدة والقادرة على توفير أكبر قدر من الإندماج بين أفرادها.
وقال: “بلد الاندماج هو البلد الذي يتبنى اندماجاً منذ الطفولة المبكرة، وألعابا رياضية مندمجة ضمن الأولمبياد الخاص، ومنظومة تعليمية وصحية مندمجة، وقيادة مؤمنة بأهمية الإندماج وأكد أن بإمكان دولة الإمارات العربية المتحدة أن تقود العالم في بناء مجتمعات ومدن وبلدان مندمجة من خلال الإرث الذي ستخلفه الألعاب العالمية فيها .
وكشف شرايفر عن إطلاق الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص بأبوظبي 2019 لحركة عالمية تستهدف بلدان الإندماج وجيل الإندماج في المجتمع.. وقال: “بات العالم أكثر تقلباً وتعقيداً وغموضاً من أي وقت مضى، وحان الوقت لإحداث ثورة اندماج يقودها القلب والعقل معا”.
وشدد شرايفر على ضرورة ارتقاء الوعي العام العالمي المرتبط بالإندماج المجتمعي ودمج أصحاب الهمم مشددا على أن العالم بات بحاجة إلى إحداث نقلة غير مسبوقة في أنماط وأساليب الدمج في المدارس والحياة اليومية.
وأكد أن الفكر الذي ترسمه القيادة في الإمارات يتطلب مساهمة ودعماً من الأفراد عبر تبني مثل تلك القيم والبدء باتخاذ خطوات جريئة بهذا الاتجاه .. مشيرا إلى أهمية إيجاد منصة عبر قنوات التواصل الاجتماعي للبدء في تشجيع التطوع لخدمة الأولمبياد الخاص فيما يتوجب على وسائل الإعلام أن تتبنى مضامين التعايش والإندماج عبر برامجها وأن تنقل هذا الفكر إلى المجتمع بالشكل المطلوب.
وقال: ” علينا أن لا نتجاهل الأدوار التي يجب أن يلعبها كل منا في سبيل إدماج أصحاب الهمم في مجتمعاتنا وحياتنا المهنية والاجتماعية بل والأهم أن نؤمن بأن مواهب هذه الفئة لا تقل عن مواهب باقي أفراد المجتمع بل وتفوقهم في الكثير من الأحيان”.
وأضاف إن على الأسر أن تعيد التفكير في آليات إدماج أصحاب الهمم، مشيرا إلى أن البداية يجب أن تكون بتخصيص وقت كاف لإنهاء الألم الذي تسببه الوحدة والإحساس بالتهميش على العديد من الملهمين من أصحاب الهمم وقال: “فلنخصص وقتا لقادة المستقبل الملهمين” مشدداً على أن الحكومات لن تستطيع وحدها إحداث ذلك التغيير الجذري ما لم يتحد أفراد المجتمع ويبادروا بتغيير علاقاتهم مع تلك الفئة بالكثير من الابتكار والبساطة”.
وأوضح أنه في الذكرى الخمسين لتأسيس حركة الأولمبياد الخاص سيتم إحداث التغيير المنشود لننتقل من مساعدة ذوي الإعاقات الذهنية باعتبارنا أولمبيادا خاصا إلى البدء في دعوة الناس لخدمة ذوي الإعاقة الذهنية.
وأكد أن الأولمبياد الخاص يهدف إلى إعادة الأمل لأصحاب الهمم من الرياضيين فهم معلمون ونماذج تحتذى في مواجهة المشاكل الملحة في عصرنا والمتمثلة في إنعدام النشاط والإنقسام والتعصب والظلم.. مشيرا إلى أن المشاركين في هذا التجمع العالمي الذي تستضيفه أبوظبي هم أعظم معلمي العالم على الإطلاق وقال:” نتعلم منهم كيف تكون لدينا قلوب وعقول مفتوحة وأن لا نخشى الاختلاف”.
وقدم شرايفر العزاء في وفاة لاعبة منتخب الإمارات شيخة علي خلفان النقبي التي وافتها المنية مؤخرا قبل مشاركتها في دورة الألعاب الإقليمية التاسعة للأولمبياد الخاص.
وأبدى المحاضر ثقته بنجاح أبوظبي في استضافة الأولمبياد الخاص في العام 2019 وقال: “ما لمسته في الإمارات من اهتمام بليغ بأصحاب الهمم يجعلني أتفاءل بالنجاح الباهر الذي ستحققونه”.
وأضاف شرايفر إن ممارسة الرياضة تعد جيلاً موحداً وبلداناً فتية .. مشيداً بتأثيرها كقوة تحدث تحولا ملحوظا في حياة الأفراد عبر نشر السعادة في المجتمع .. مشيراً إلى أن استضافة الإمارات للألعاب العالمية للأولمبياد الخاص 2019 رسالة تعزز بها الدولة التزامها الراسخ تجاه إتمام دمج أصحاب الهمم مع كافة فئات المجتمع.
واستعرض شرايفر نموذجاً لطفل من إحدى البلدان الإفريقية من ذووي الهمم يدعى مالكي بيركورا والذي التقطت صورة له وهو مغلول القدمين بسبب عدم الاهتمام الذي كان يتلقاه قبل أن يقوم فريق الأولمبياد الخاص بإنقاذه وأضاف: “سترسم أبوظبي الابتسامة على وجهه وتبث الفرحة في وجدانه من خلال المشاركة في الأولمبياد الخاص 2019”.
وأكد شرايفر أن حركة الأولمبياد الخاص ستحتفي بذكراها السنوية – 50 عاماً – من عاصمة دولة الإمارات خلال استضافة الأولمبياد العالمي الخاص، وتعد تلك مناسبة سانحة لنقل رسائل للعالم أجمع بالكيفية التي ينبغي أن تكون عليها المجتمعات في مجال دمج أصحاب الهمم وتحويلهم إلى طاقات ملهمة.
وأضاف إن عصرنا يتطلب الوحدة وهو بحاجة إلى ملهمين حقيقيين، قادرين على المضي بهذه الممارسات إلى آفاق أرحب وأكثر وحدة واندماجاً.
ونوه إلى أن حركة الأولمبياد الخاص تأسست العام 1968 وهي الفترة التي شهدت عنفا مدنيا وأعمال شغب عنصرية واغتيالات سياسية وقال: “على الرغم من أن الحركة لم تكن تحظى بالاهتمام الذي تستحقه في تلك الاونة إلا أننا أن نمنح أملاً جديداً لأولئك الذين كنا نظن أنهم ميؤوس منهم ومنحناهم طاقة للشفاء والحب والإندماج”.
من جانبها أكدت معالي شما بنت سهيل فارس المزروعي أن الإمارات أصبحت اليوم موقعا مهما للفعاليات الدولية والعالمية .. مشيرة إلى أن استضافة أبوظبي للأولمبياد الخاص 2019 يؤكد حرص القيادة الرشيدة على تمكين ودعم أبنائها وتوفير حياة كريمة لهم.
وأضافت إن الإمارات حريصة على أن تكون نموذجاً يحتذى في مجال الرعاية بذوي الهمم وملتزمة بأن يحقق كل طفل أمنياته بمؤشرات عالمية معتمدة.
يذكر أنه من المقرر أن تستضيف إمارة أبوظبي الدورة المقبلة من دورة الألعاب الأولمبية للأولمبياد الخاص 2019، كأول مدينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحظى بتنظيم هذا الحدث العالمي.