نون والقلم

للواشنطن بوست.. ومن دون تحية

جرت العادة أن مَن بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحصى.
ومما أدرك الناس من عِبر الحياة، أنه لا يمكنك أن تقدم لغيرك محاضرة في الشرف والعفة، وأنت غير مؤهل لذلك أبدا.
كم يستغرب المرء حقيقة من صحف وساسة أمريكان، مازالوا يعيشون أحلام سيادة الكاوبوي وتفوقه، في الوقت الذي أَفَلت فيه حضارتهم –إنسانيا على الأقل-!
في 2011، كنت أتعجب من جرأة صحف أمريكية على مهاجمة البحرين، حيث كانت تتبنى وجهات نظر عقيمة واحدة لا غير، تأتي ضمن إطار أن من يملأ الحصالة مسبقا، يحصل على الصوت أولا!
لكن أن تأتي صحيفة «واشنطن بوست» اليوم، وبعد أربعة أعوام تقريبا من الحراك الطائفي في البحرين، لتكرر كالببغاء ما لا تفقه، فهذا ليس عيبا فقط ولكنه انحطاط مهني عجيب، يستغرب المتابع كيف يصدر من صحيفة؛ يفترض أن لها قراء يفترض أن تحترم عقولهم؟!
مقالات «واشنطن بوست» الموجهة ضد البحرين، مقالات لا يفرح بها إلا الأغبياء، الذين يعيشون خارج إطار الزمن.
«واشنطون بوست» تحب أن تتحدث عن التاريخ، لذلك خَصَّصت مقالات تهاجم البحرين بأرقام ومعلومات غير دقيقة، وبدون عرض الحقائق كاملة.
اليوم سأكون أكثر مصداقية من تلك الصحيفة، وسأتحدث عن التاريخ، ولكن بمعلومات ثابتة في التاريخ الأمريكي الحديث والقديم.
تاريخ تتناساه «واشنطن بوست»، من داخل أمريكا، مرورا بأمريكا الجنوبية وإفريقيا السوداء، وصولا إلى فيتنام واليابان وأفغانستان فالعراق!
عشرات الملايين من البشر الذين تسببت أمريكا –إلى يومنا هذا- بإبادتهم وتهجيرهم.
هل يعقل أن «واشنطن بوست» لم تتذكر أن أمريكا قتلت ما يربو على عشرة ملايين صيني وكوري وياباني وفيتنامي خلال عشرين عاما فقط؟!
لن أتحدث عن التفاصيل، ففيها من البشاعات ما يشيب لهولها الولدان، ولكن تلك الصحيفة، تتعمد غض النظر عنه، هذا إذا كان لديها نظر أصلا!
كل جريمة أمريكية خلال الـ100 عام المنصرمة، كانت بمثابة مجزرة ومذبحة ومقتلة، عجز التاريخ أن يستوعب تفاصيلها المروعة.
فما بين تعذيب وتشويه 700 ألف فيتنامي، واغتصاب أكثر من 30 ألف امرأة، ونزع أحشاء 3 آلاف وإحراق 4 آلاف وهم أحياء في حربهم ضد فيتنام، يعجز المرء أن يستذكر نماذج أخرى، مع أنها أكثر بشاعة مما سبق ذكره!
أمريكا التي تتجاهلها «واشنطن بوست» وتركز على البحرين، هي التي أبادت الهنود الحمر، بل أصدرت قرارا يقدم مكافأة مقدارها 40 جنيها مقابل كل فروة مسلوخة من رأس الهنود الحمر، ثم رفعتها بعد سنوات إلى 100 جنيه مقابل فروة رأس أي امرأة أو طفل هندي أحمر!
لن أتحدث عما فعلته في غواتيمالا، ولن أتحدث عن جرائمها في دول أوروبا، لأن ما سبق يعطينا صورة عن تاريخ لم نعشه، من جرائم لم تسعف الذاكرة والمهنية والشرف الصحفي، محرري «واشنطن بوست» لاستذكاره!
يكفي أمريكا من العار ما فعله جنودها في سجن باغرام بأفغانستان وسجن أبوغريب بالعراق، وفظائعها وفضائحها في غوانتنامو.
يكفي جنودها اغتصاب الرجال والنساء، والبول على جثث العراقيين.
يكفيهم من عار ما خلفته حروبهم الأخيرة، من قتلى ومشردين بالملايين، ثم تجد الوقاحة على أصولها، في محررين مشبوهين يريدون أن يعطونا دروسا في حقوق الإنسان!
للواشنطن بوست: اذهبوا وامسحوا العار عن تاريخٍ أسود لا ينظف بمياه البحار والمحيطات، ثم دعونا نتقابل ونتحدث عن حقوق الإنسان، التي لا تعرفون منها معنى «حقوق» ولا «إنسان»!

نقلا عن صحيفة أخبار الخليج البحرنية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى