لم يكلف الرئيس الأميركي ترامب نفسه عناء البروتوكولات وما يرافقها من مجاملات وابتسامات كاذبة، وأعصاب متوترة.
هي تغريدة لا أكثر، عبر «تويتر» أصبح العالم يدار، ووزير خارجية الدولة العظمى يخرج بعشر كلمات، وقد علمنا بالخبر قبله، فنحن من المتعلقين بمنصات التواصل الحديثة، نقرأ الأحداث، ونعرف الاتجاهات، ونقيم الأوضاع، ونفك الشفرات، وننبش بين السطور عن الأهداف والغايات.
ريكس تيلرسون لا يستخدم «تويتر»، هذا ذنبه، فهو المقصر، أراد أن يعيش في عالم التخلف، ولم يقتنع بأن المؤثرين أصبحوا يقاسون بحسب تغريداتهم ودرجة متابعتهم، وحجم الإعجاب بهم، فبهذا أصبح يوزن الإنسان، وليس بخبرته وشهاداته والمناصب التي تولاها، ومع ذلك كان يتهم الرئيس ترامب بالحمق والجهل، وقد تبين أن العكس صحيح، فهذا الرئيس بصراحة يختلف عن كل الرؤساء، ومن كان مثل تيلرسون لم يعتادوا على الوضوح والعفوية التي يتحلى بها، فلو كان في البيت الأبيض شخص غيره، ووصلت العلاقة بينه وبين وزير خارجيته إلى طريق مسدود، كان سيضع سيناريو استقبال واجتماع ومؤتمر صحافي وابتسامات عريضة وإشادات مشحونة بالعواطف والمشاعر الجياشة، وسلام وأحضان وقبلات أمام عدسات التصوير، ويخرج الرجل والكل يعتقد أنه طلب إعفاءه من مهامه وأن الرئيس تفهم ذلك.
ترامب قال إنه يختلف مع تيلرسون في كثير من القضايا، وإنهما لم يعودا متفقين على الملفات الشائكة، وعلى رأسها قضية إيران، من ملفها النووي إلى زعزعتها لأمن واستقرار العالم، ثم قضية كوريا الشمالية، ولم يترك الرئيس شيئاً لتحليلات وسائل الإعلام، فقد ألحق تغريدته الأولى بتغريدات تفسر وتوضح وتعلل قراره.
بعد تيلرسون سنرى ترامب آخر، هكذا تقول المؤشرات، فالملفات مفتوحة، والأحاديث حول تراجع الدور الأميركي المؤثر عالمياً تنتثر منذ عدة أشهر، والقمة مع كيم جونغ بعد شهرين، ويجب الاستعداد لها جيداً، أما إيران فهي مخيرة الآن بين الامتثال لقوانين العلاقات بين الدول أو مواجهة ما لم يخطر لها على بال أبداً.