يقف النظام الإيراني أمام معضلة كبيرة في هذه المرحلة. وأظن أنه من المهم على المتابع الخليجي والعربي أن يقرأ بشكل متأن ودقيق ما يدور في المشهد الدولي تجاه النظام الإيراني. وسأحاول من خلال مقال اليوم تقديم ملخص لأهم معالم هذا المشهد الجاري حاليًا.
أولاً: تمارس الولايات المتحدة الأمريكية عبر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطًا كبرى على النظام الإيراني لإرغامه على القبول بتعديل الاتفاق النووي والانصياع لشروط جديدة تضاف إلى الشروط السابقة المتعلقة بالبرنامج النووي. هذه الشروط الجديدة هي باختصار تمس برنامج النظام الإيراني للصواريخ البالستية المتوسطة والبعيدة المدى، وأيضًا السلوك الإرهابي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وتدخلاته في الدول العربية.
ثانيًا: اتفق الرئيسان الأمريكي ترامب والفرنسي ماكرون على إيفاد وزير الخارجية الفرنسي لودريان إلى طهران لإيصال رسالة واضحة لنظام المرشد الأعلى علي خامنئي، إما القبول بشروط جديدة تحد من السلوك الإرهابي الإيراني، وإما عودة العقوبات الاقتصادية مجددًا على النظام الإيراني، وهو ما يعني إنهاء الاتفاق النووي وعودة إيران محاصرة ماليا واقتصاديا. وقد تمت هذه الزيارة يوم الاثنين الماضي، وخرج النظام الإيراني بعدها بتصريحات تنم عن مرارة الخيارات المتاحة أمامه.
ثالثًا: بالنسبة إلى النظام الإيراني، فإن الخيار صعب جدًا، فالموافقة على الشروط الأمريكية الجديدة تعني إنهاء النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وخروج إيران من جميع الدول العربية التي تدخلت فيها ووضعت يدها على أراضيها، بينما عدم القبول بهذه الشروط يعني عودة العقوبات المالية والاقتصادية الدولية مجددًا على النظام الإيراني، وهو خطر كبير آخر يتهدد نظام خامنئي، الذي تعصف به احتجاجات داخلية لم تتوقف منذ أكثر من شهرين.
رابعًا: يعلم النظام الإيراني أن زيارة وزير خارجية فرنسا لإملاء الشروط الأمريكية هي بمثابة إنذار أخير من الدول الأوروبية، حيث إن هذه الدول لن تقف مع إيران على حساب الولايات المتحدة الأمريكية مهما كانت علاقتها بإيران، والنظام الإيراني يدرك ذلك جيدًا، وعليه أن يحدد خياراته الصعبة من الآن وبشكل سريع.
خامسًا: في شهر أبريل القادم، سوف يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنهاء الاتفاق النووي مع النظام الإيراني، وستتبعه في ذلك الدول الأوروبية، ما لم يتم التوصل إلى صيغة جديدة للاتفاق. وهو ما يعني أساسًا أن النظام الإيراني لا يملك الكثير من الوقت ليراوغ كعادته.
هذا هو باختصار ما يدور في المشهد الدولي بشأن النظام الإيراني، وهذا يعني أن نظام الملالي يعيش ورطة كبرى غير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي. والأيام القليلة القادمة ستكشف المزيد حول ما سينتهي إليه المشهد.