نون والقلم

السيد زهره يكتب: نحن واستراتيجية الفوضى الأمريكية

هل تمتلك إدارة الرئيس الأمريكي ترامب استراتيجية واضحة المعالم تجاه قضايا وأزمات المنطقة؟

الإجابة عن السؤال تهمنا بالطبع في الدول العربية.

الحقيقة أن أغلب، ان لم يكن كل الباحثين والمحللين الأمريكيين يجمعون على ان الإجابة هي: لا. أي يجمعون على ان الإدارة الأمريكية ليس لديها مثل هذه الاستراتيجية.

ومن أهم التحليلات التي قرأتها مؤخرا عن القضية، تحليل كتبه قبل أيام الباحث والمحلل الأمريكي المعروف انطوني كوردسمان تحت عنوان «استراتيجية الفوضى الأمريكية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا».

يقول بداية إن الأمر لا يحتاج إلى كثير من التفكير كي نرى أن الولايات المتحدة لا تمتلك أي استراتيجية واضحة إزاء كل قضايا الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ولا للتعامل مع أي من التحديات الاستراتيجية في المنطقة.

في رأيه، الإدارة الأمريكية تتعامل مع قضايا وتطورات المنطقة يوما بيوم، وتتخذ قراراتها على هذا الأساس.

ولهذا السبب، فإن الولايات المتحدة ليس لها في رأيه تأثير استراتيجي دائم على الاستقرار الإقليمي.

بعبارة أخرى، يعتبر الباحث ان سياسات أمريكا واستراتيجيتها المفترضة هي في حالة فوضى، وهي في جوهرها مجرد رد فعل للفوضى التي تفرضها الأحداث الخارجية المتفجرة في المنطقة.

وللتوضيح أكثر، يقول ان الولايات المتحدة لا تملك أهدافا واضحة، وفيما يتعلق بالقضايا والتحديات الكبرى في المنطقة، مثل عدم الاستقرار في العالم العربي، وإيران، والتدخلات الروسية والتركية، فإن أمريكا تتعامل معها كرد فعل فقط.

ويقول إنه لهذا، فإننا إذا نظرنا إلى المنطقة وما يجري فيها، والى القوى التي قادت إلى عدم الاستقرار الإقليمي، فسنجد ان الوضع تطور نحو الأسوأ وليس نحو الأفضل.

ويضرب أمثلة على ذلك.

يقول انه مثلا فيما يتعلق بالحرب ضد تنظيم داعش، فإن الحادث انها انتهت بزيادة النفوذ الإيراني في لبنان، وسوريا، والعراق. كما انتهت إلى مفاقمة أزمات كبرى مثل أزمة اللاجئين والنازحين.

وكمثال أيضا، يقول ان كل القوى التي تفرز التطرف في المنطقة ما زالت كما هي.

وفيما يتعلق بإيران بالذات، يقول الباحث ان الإدارة الأمريكية لا تملك في حقيقة الأمر أي استراتيجية للتعامل مع قضايا مثل الاتفاق النووي والمفاوضات مع الحلفاء الاوربيين بهذا الخصوص، والتوسع الإيراني في المنطقة، والقدرات الصاروخية الإيرانية، ولا حتى تطوير إيران لقدرات صاروخية تهدد الملاحة في مياه الخليج وخليج عمان.

بالطبع، الباحث والمحلل الأمريكي يثير قضية غياب الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة على هذا النحو من وجهة نظر المصلحة الأمريكية. وهو يرى مثلا ان هذه الفوضى الاستراتيجية الأمريكية تلقي أعباء ثقيلة على الجيش الأمريكي الذي عليه ان يقوم بمهمة مستحيلة، وأن يتعامل مع أزمات وقضايا من دون رؤية استراتيجية.

لكن ماذا يعني هذا بالنسبة إلينا في الدول العربية؟.. ماذا يعني بالنسبة إلينا ان الإدارة الأمريكية لا تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع قضايا وازمات المنطقة؟

ما يعنيه بالنسبة إلينا واضح، وقد سبق لي أن نبهت إلى ذلك أكثر من مرة.

المسألة باختصار ان إدارة الرئيس ترامب لديها مواقف كثيرة معلنة إيجابية وخصوصا موقفها من إيران والإرهاب الذي تمارسه في المنطقة وضرورة مواجهته.

لكن الإدارة الأمريكية، وبسبب غياب رؤيتها الاستراتيجية، لن تذهب ابعد من هذا كثيرا.

اعني ان الإدارة الأمريكية لن تفعل عمليا الكثير من اجل ردع إيران ووضع حد لخطرها فعلا. أقصى ما ستفعله هو فرض بعض العقوبات التي لن تغير من إرهاب إيران، ولن تنهي مشروعها الإرهابي الطائفي في المنطقة.

وهذا يقودنا إلى أمر محدد.. الدول العربية يجب أن تستفيد من المواقف النظرية الأمريكية الإيجابية، وان تضع هي استراتيجيتها لإنهاء الخطر الإيراني، ولحماية امن واستقرار الدول العربية بشكل عام، وان تشرع في تنفيذها.

بعبارة أخرى، أعيد هنا ما قلته من قبل: أمريكا لن تحارب حروبنا، ولن تبادر هي بحماية دولنا وامننا واستقرارنا.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى