هل غاص الروس في الوحل السوري، وبدأ الدّب ينزف من فخاخ الأشواك الحادّة المخفية تحت لزوجة الطين وطحين الرماد المتطاير؟
وزارة الدفاع الروسية أعلنت عن تحطم طائرة نقل روسية في قاعدتها الجوية في حميميم، قرب اللاذقية، وقُتل في «الحادث» حسب البيان الروسي الرسمي 26 من الركاب، وأفراد طاقمها المكون من 6 أشخاص، حسب ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية. يعني 32 شخصاً من القوات الروسية، في الغالب.
هذا «الحادث» كما وصفه الروس، نفياً لكونه «هجوماً» مباشراً على الطائرة الناقلة، يذكّرنا بخسائر روسية أخرى في الوحل الأرضي أو الأنواء الجوية السورية.
24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أسقطت الدفاعات التركية مقاتلة روسية من طراز «سوخوي 24»، وتسبب الأمر حينها في أزمة خطيرة بين أنقرة وموسكو، أجبرت الرئيس التركي إردوغان على ترضية الروس بما أرادوه.
3 نوفمبر 2018، قُتل طيار روسي بعدما أسقطت دفاعات الفصائل السورية المسلحة طائرته الحربية، من طراز «سوخوي 25»، التي كانت تستهدف منطقة سراقب في إدلب (شمال غرب) أحد معاقل المسلحين السوريين المناهضين للنظام.
31 ديسمبر (كانون الأول) 2017، تعرضت طائرة روسية في حميميم لأضرار عقب قصف مسلحي المعارضة للقاعدة.
وغير ذلك أكيد من القتلى في الاشتباكات الأرضية المباشرة، مثلما جرى في مجزرة الخبراء الروس في دير الزور على يد القوات الأميركية، ضع هذا مع سعار المقاتلات الروسية بالقصف الأعمى على سكان الغوطة الشرقية، ومعهم جيش بشار ونصر الله وسليماني، فكل أهالي الغوطة، بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ، هم عناصر إرهابية داعشية!
من المبكر القول إننا تجاه سيناريو أفغانستان روسية أخرى، وهي الحرب التي امتدت لعشر سنوات بعد غزو الجيش الأحمر السوفياتي لأفغانستان 1979. حرب ناهضها أغلب الدول المسلمة والغربية أيضاً، وخرج منها الروس بخسائر فادحة، منها نحو 15 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى ومصابي الحروب، نفسياً، ومئات الملايين من الخسائر في المعدات والأموال… وهيبة الدب الروسي.
طائرة النقل العسكرية التي سقطت، أو أُسقطت، في قاعدة حميميم، معقل أسرة الأسد قرب اللاذقية، تكشف عن الدرب الزَّلِق الذي تمشي عليه أقدام الروس في سوريا المقسمة اليوم بين مربعات تتبع أمراء حروب، كلٌّ منهم يتبع قوة دولية أو إقليمية أو حتى عصابات خارجية ربما، أعني عصابات جريمة تقليدية، فكيف يتوقّى الروس كل هذه الحفر المظلمة الرطبة المسكونة بالأفاعي؟
الدخول الروسي من البداية لسوريا، كان دخول استفزاز واستثارة لكل كوامن الغضب والانتقام… والتطرف أيضاً.
تدخُّل به جلافة العسكر لا دهاء الساسة، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة.
42 دقيقة واحدة