نون والقلم

السيد زهره يكتب: الفيتو الروسي والمنطق الأعوج

روسيا استخدمت حق النقض، الفيتو، في مجلس الأمن الدولي، وحالت دون صدور مشروع قرار بريطاني يتعلق باليمن.

روسيا استخدمت الفيتو على الرغم من أن مشروع القرار البريطاني كان مخففا إلى حد كبير، ولم يكن يتضمن إلا توجيه الانتقاد إلى إيران بسبب استمرارها في إمداد المتمردين الحوثيين في اليمن بالسلاح، وبالصواريخ البالستية.

وروسيا استخدمت الفيتو على الرغم من أن انتقاد إيران في مشروع القرار البريطاني استند إلى تقرير سبق أن أصدرته لجنة خبراء في الأمم المتحدة أدان إيران، وأكد أنها انتهكت قرارا لمجلس الأمن الدولي بإمداد الحوثيين بالسلاح.

الأمر الغريب حقا هو التبريرات التي قدمها مندوب روسيا في مجلس الأمن لاستخدام الفيتو.

المندوب الروسي قال: «إن صيغة القرار البريطاني يمكن أن تكون لها عواقب خطيرة تزعزع استقرار المنطقة، بشكل يمكن أن يصعد التوتر الإقليمي ويؤدي إلى الصراع بين الأطراف الرئيسية، وبين السنة والشيعة في العالم الإسلامي».

هذا منطق أعوج لا يمكن أن يكون مقبولا على الإطلاق.

المندوب الروسي يعلم جيدا أن إيران هي أكبر مصدر لتقويض أمن واستقرار المنطقة كلها بأطماعها وبممارساتها الإرهابية المعروفة وبسعيها المعلن لإسقاط نظم حكم عربية.

وبالتالي، فإن ردع إيران، وليس مجرد إدانتها هو في حد ذاته أكبر ضمان لأمن واستقرار المنطقة.

ومن المفروض أن المندوب الروسي يعلم أيضا أن إيران هي أكبر مصدر لإشعال الفتن والصراعات الطائفية في المنطقة وبين الشيعة والسنة خصوصا. مشروعها في المنطقة هو أساسا مشروع طائفي يعتبر أن الصراعات الطائفية أحد أكبر مصادر نجاحه.

ولهذا، فإن ردع إيران ومواجهة مشروعها هو بحد ذاته أكبر درء للفتن والصراعات الطائفية في المنطقة.

هذا بشكل عام. أما عن اليمن وخصوصا موضوع مشروع القرار البريطاني الذي أفشلته روسيا، فروسيا تعلم جيدا أنه ما كان للأزمة في اليمن أن تندلع وتتطور إلى ما تطورت إليه لولا المشروع الإيراني وسعيها إلى اختطاف اليمن ودعمها للمتمردين الحوثيين. وتعلم روسيا أيضا أن المشروع الإيراني في اليمن هو أكبر تهديد للسعودية ودول المنطقة عموما، وأن إيران لا تتوقف عن محاولة استهداف أمن السعودية بالصواريخ التي تمد بها الحوثيين.

إذن، من جميع الأوجه هذه التبريرات التي قدمها المندوب الروسي لاستخدام الفيتو مرفوضة تماما.

وحقيقة الأمر أن هذا الفيتو له معانٍ وتبعات خطيرة.

إصرار روسيا على حماية إيران والحيلولة دون إدانتها أو حتى انتقادها على هذا النحو هو بداهة بمثابة تشجيع لإيران على المضي قدما في اعتداءاتها الإرهابية وفي سعيها إلى تقويض أمن واستقرار الدول العربية.

وبهذا الموقف، تبدو روسيا غير مكترثة كثيرا بأمن واستقرار اليمن والسعودية والدول العربية عموما.

ويترافق هذا الموقف الروسي من اليمن والتدخلات الإيرانية، مع انتقادات واسعة النطاق يتم توجيهها إلى روسيا بسبب موقفها من سوريا، وتحميلها جانبا أساسيا من المذابح والأوضاع المأساوية في الغوطة الشرقية وغيرها، وذلك بسبب إسباغ حمايتها على النظام السوري مهما فعل، وعدم استخدام نفوذها لوقف هذه المذابح.

لقد كنا نقول باستمرار إن روسيا في مواقفها وسياساتها أكثر تفهما للمواقف والمصالح العربية من أمريكا والدول الغربية.

لكن بمثل هذه المواقف لا يعود الأمر هكذا، وتخسر روسيا كثيرا جدا من مصداقيتها في الدول العربية.

نقلاً عن صحيفة أخبار الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى